فساد الحكومة والسلطات المحلية، المعوق الاساسي لتنمية المجتمع .. الأسباب والمعالجات؟

قراءة تحليلية لمركز الأحقاف للدراسات الاستراتجية والإعلام

 

الأحقاف نت / خاص / 21 مايو 2024م

المقدمة

الفساد هو إساءة استخدام السلطة العامة لمصالح شخصية في ضل غياب الردع، يؤدي حتماً الى كارثة إنسانية بحق المجتمع (باعباد ,2022) بينما أكد Larmour and Wolanin ,2001)) على حقيقة أن الفساد هو أكثر بكثير من مجرد اختلاس الأموال أو إساءة استخدام السلطة لأنه قد يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان.

وتجدر الإشارة الى أن هناك ممارسات مختلفة مرتبطة بالفساد بما في ذلك الرشوة والاختلاس والاحتيال والابتزاز والمحسوبية (Amundsen، 1999).

وفقا لتصنيف منظمة الشفافية العالمية فأن اليمن احتلت المركز 141, 154 , 146 من أصل 180 دولة للسنوات 2008, 2009, 2010 على التوالي.

حيث تعد الدولة المصنفة رقم 1 أقل فسادا أو خالية من الفساد والدول في آخر القائمة التي تحتل الأرقام الأخيرة هي الدول الأعلى في معدلات الفساد.

حيث صنفت اليمن في المرتبة 164 من أصل 182, وصنفت رقم 167 من أصل 177 دولة في عام 2013م.

وقد ذكرت منظمة الشفافية العالمية ان هذا يرجع الى تفشي الفساد والرشوة في البلاد نظرا لضعف أنظمة الرقابة (منظمة الشفافية العالمية).

كما صنفت رقم 161 من أصل 174 عام 2014م, 147 من أصل 162 عام 2015م، و170 من أصل 176 عام 2016م، و175– 176- 177- 176 من أصل180 دولة للأعوام 2017م- 2018م -2019م – 2020م على التوالي، أخيرا في الأعوام 2022 و2023م, صنفت بالترتيب 5 فسادا من أصل 180 دولة (جدول توضيحي)

صدر من برلين، 30 يناير 2024 –تقرير مدركات الفساد لعام 2023م يُظهر مؤشر مُدرَكات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية و وفقاً لمؤشر سيادة القانون، يشهد العالم تراجعاً في أداء نُظم العدالة.

كما سجّلت البلدان التي حصلت على أدنى الدرجات على مؤشر سيادة القانون درجاتٍ منخفضة جدًا على مؤشر مُدرَكات الفساد، مما يُظهر وجود صلة واضحة بين الوصول إلى العدالة والفساد. تُسهم كلٌ من الأنظمة الاستبدادية والقادة الديمقراطيين الذين يقوِّضون العدالة في زيادة إمكانية الإفلات من العقاب على الفساد، بل وفي بعض الحالات تشجيع الفساد من خلال التغاضي عن توقيع العقوبات على المخطئين ومرتكبي الافعال الغير مشروعة.

ويتجلى تأثير هذه الأفعال في شتّى البلدان التي تقع في ذيل القائمة حيث تحتل البلدان الخمس الصومال، فنزويلا، سوريا، جنوب السودان، واليمن المراكز الأخيرة لعام 2023م (موقع منظمة الشفافية العالمية)

ماهي الأسباب:

ويرجع ذلك إلى ضعف هيكل الحكومة، وعدم شفافية هيكل المؤسسات الحكومية، والتقليد الطويل لخرق القوانين من قبل كبار المسؤولين. لذلك، لا يمكن تحسين جودة أداء الحكومة في اليمن دون الحد من الفساد (محسن، 2010).

بينما يرى (باعباد, 2022م)، إن السبب الرئيسي لانتشار الفساد المالي والإداري للسلطات في الدولة وبالرغم من وجود أجهزة رقابية في اليمن كالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد وكذلك وجود قوانين لمكافحة الفساد إلا أن الفساد لا يزال منتشر وبشكل مخيف.

ولخص بها عدة عوامل التي تؤثر على كفاءة الأجهزة الرقابية للدولة وانتشار الفساد فيها, كانت على النحو الاتي:

(1) ضعف القوانين النافذة
(2) الترابط شبة معدوم بين الأجهزة الرقابية
(3) عدم وجود الرقابة الداخلية وفاعليتها في الدوائر الحكومية
(4)عدم أمكانية الجهاز المركزي للرقابة من تتبع ملفات التي قدمت لنيابة الأموال العامة والمحكمة
(5) عدم تنفيذ العقوبات المنصوص عليها في لائحة الجزاءات والمخالفات المالية والادارية لسنة 1998م الصادرة من رئاسة الوزراء
(6) عدم اهتمام السلطات التنفيذية بتقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وخاصة التقارير المتعلقة بالمخالفات
(7) القانون يحمي شاغري الوظائف العليا
(8) النظام المتبع من تخفيض الموازنة للمرافق في السنة القادمة للمبالغ الغير المستخدمة
(9) عدم تدوير موظفي الأجهزة الرقابية في المرافق الحكومية
(10) التدخلات العليا في الأعمال والتوظيفات
(11) تأخير تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة
(12) عدم وجود رقابة على التقارير الفنية للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة
(13) ضعف مرتبات موظفي الأجهزة الرقابية
(14) ضعف التدريب والتأهيل
(15) عدم وجود آلية مناسبة للتبليغ عن الفساد.

حيث وجدت الدراسات التي أجريت في السابق أن العوامل أدت الى تدني دور المستوى الرقابي في الدولة وانتشار الفساد ولعل أهمها هو ضعف القوانين من ناحية عدم اشتمالها على عقوبات للمخالفات المالية والإدارية، وعدم العمل بلائحة الجزاءات والعقوبات لعام 1998م الصادرة عن رئاسة الوزراء (باعباد ,2022).

أيضا تعطيل دور الرقابة الداخلية باعتبارها خط الدفاع الأول ضد الفساد. وعدم وجود ترابط بين الأجهزة الرقابية فيما بينها؛ وهو ما يشكل ضعف كبير في المستوى الرقابي.

بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الرشوة تلعب دورًا في المساهمة بشكل سلبي في الاقتصاد اليمني والاستثمار في العديد من الجوانب، مثل الجمارك والضرائب والتراخيص والمناقصات العامة (عبد الحافظ والعديني ، 2006).

وذكر (باعباد 2022م)، إن إخفاض جودة تقارير الجهاز وتأخرها لفترة تصل بين السنة الى السنتين, عدم اهتمام السلطات التنفيذية بتقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة, فضلا عن أنه لا يمكن تتبع تلك التقارير التي تحمل جنايات في نيابات الأموال العامة؛ إضافة الى الجهاز لا يمكنه تحويل تقارير على كبار المسؤولين لنيابة الأموال العامة.

المعالجات:

هناك الكثير من الدراسات التي درست ظاهرة تفشي الفساد في الدول وقد لخصت هذه الدراسات العديد من التوصيات لمعالجة الأوضاع التي طالت حياة المواطن وهددت السلم الاجتماعي في كثير من المجتمعات أشار Larmour and Wolanin ,2001)) ان الفساد قد يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان.

أشار (محسن، 2010م) انه لا يمكن تحسين جودة أداء الحكومة في اليمن وتحسين الوضاع المعيشية للمواطن دون الحد من انتشار الفساد المالي والإداري.

قال فرانسوا فاليريان، رئيس منظمة الشفافية الدولية:

“سيستمر الفساد في الازدياد إلى أن تتمكن نظم العدالة من محاسبة المخطئين ومرتكبي الافعال الغير مشروعة وإخضاع الحكومات للرقابة، وحيثما يتسنّى رشوة العدالة أو التدخل فيها سياسياً، فإن الشعب هو الذي يعاني.

يجب على القادة أن يستثمروا بشكلٍ كامل في استقلالية المؤسسات التي تدعم القانون وتتصدى للفساد. لقد حان الوقت لوضع حدٍّ للإفلات من العقاب على الفساد”.

وذكر باعباد في دراسة أجريت له في عام 2022م أجرا فيها مقابلات شخصية مع عينة من موظفي الأجهزة الرقابية في الدولة حيث قمنا بتلخيص بعض النتائج والمعالجات التي أوصى بها وهي:-

(1) ضرورة اهتمام المشرعين الى الأخذ بعين الاعتبار احتواء القوانين السارية على عقوبات تنظيمه للمخالفات المالية والإدارية.
(2) ترابط الأجهزة الرقابية وتوحد عملها
(3) تفعيل العمل بلائحة الجزاءات والعقوبات الصادرة عام 1998م من رئاسة الوزراء في الفترة الحالية؛ يعتبر العقاب السبيل الردع لخفض معدلات الفساد.
(4) وجود إدارة متخصصة في الوزرات والسلطات المحلية، وظيفتها قرائه وتتبع تقارير وتوصيات الجهاز للرقابة والمحاسبة ومستوى تنفيذه في المرافق الحكومية التي تقع تحت دائرة المسؤولية.
(5) ترابط جميع الدوائر الحكومية بنظام الكتروني يكون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة المراقب لهذه النظام (أي أتمته الدوائر الحكومية، الحكومة الإلكترونية)
(6) التحقق من جودة التقارير المقدمة من مراجعي الجهاز المركزي في الوحدات أيضا التأكد من خلو تلك التقارير من التحيز
(7) فتح مراكز للتبليغ عن الفساد والتوعية عن مخاطرة التي تطالب المجتمع بشكل عام.

الخاتمة:

دعت الحاجة الى عمل دراسات متعددة في هذا المجال بسبب انتشار الفساد بشكل كبير وفي نفس الوقت هناك أجهزة رقابية للدولة وقوانين تنظم تلك الأعمال. مما دعا الى الخوض لاستكشاف الوضع الحالي لتشخيص مشكلة انتشار الفساد بشكل أعمق، من خلال نتائج تلك الدراسات وتقارير المنظمات المهتمة بهذا الشأن تبين ان المعوق الأساسي للنهوض بالمجتمع في اليمن هو فساد الحكومات وعدم وجود آلية جيده للتعزيز الرقابة ومكافحة الفساد. ومن الجدير ذكره هنا إنه لا يمكن ان نرفع من معناه المواطن الاقتصادية وتحسن الخدمات إلا بتعزيز دور الرقابة ومكافحة الفساد الذي يجب أن تتبناه القيادة السياسية لتصحيح الوضع في البلاد بشكل عام، من خلال تبني لنتائج الدراسات السابقة وتوصيه المنظمات المهتمة بهذا الشأن والعمل على الاستفادة من تجارب الدول التي تجاوزت هذه المرحلة.

المراجع

اولا: المراجع باللغة العربية:

باعباد, م, أ (2022) تفشي الفساد في ظل وجود أجهزة رقابية للدولة. دراسة استكشافية في اليمن. مجلة الريان للعلوم الإنسانية والتطبيقية. المجلد الخامس, العدد (1) الرقم التسلسلي(8)
عبد الحافظ, أ ؛ العديني, ك (2006) الرشوة في اليمن (دراسة ميدانية) المركز اليمني لقياس الرأي العام, تم تحميل من : https://yemenpolling.org/Projects-ar/Bribery-ar.pdf
محسن, ي, ص (2010) خارطة الفساد في اليمن, أطرافه النافدة, المرصد اليمني لحقوق الأنسان, (الإصدار الأول) صنعاء, اليمن.
الموقع الإلكتروني لمنظم الشفافية العالمية:
https://www.transparency.org/ar/press/cpi2023-corruption-perceptions-index-weakening-justice-systems-leave-corruption-unchecked

ثانيا: المراجع باللغة الإنجليزية:

Amundsen, I. (1999). Political corruption: An introduction to the issues: Chr. Michelsen Institute Development Studies and Human Right.
Larmour, P., & Wolanin, N. (2001). Corruption and Anti-corruption: Asia Pacific Press.
Transparency International. Corruption Perceptions Index (CPI), Retrieved from web site.
https://www.transparency.org/en/cpi/2023/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2022/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2021/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2020/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2019/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2018/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2017/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2016/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2015/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2014/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2013/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2012/index/yem
https://www.transparency.org/en/cpi/2011
https://www.transparency.org/en/cpi/2010
https://www.transparency.org/en/cpi/2009
https://www.transparency.org/en/cpi/2008

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى