مركز الأحقاف للدراسات الأستراتيجية والإعلام يقدم دراسة .. “الإعلام في إبراز القضية الجنوبية وتشكيل الرأي العام المحلي والدولي”

الأحقاف نت / دراسة خاصة / 10 أبريل 2025م

يُقدم مركز الأحقاف للدراسات الاستراتيجية والإعلام دراسةً بعنوان “الإعلام في إبراز القضية الجنوبية وتشكيل الرأي العام المحلي والدولي”، والتي تتناول الدور المحوري للإعلام في تسليط الضوء على واحدة من أبرز القضايا اليمنية المعاصرة.

ففي ظل التطورات التقنية والسياسية، أصبح الإعلام أداةً فاعلةً في صياغة الوعي الجماعي وتحريك الرأي العام، سواء عبر المنصات التقليدية أو الرقمية.

تهدف هذه الدراسة إلى تحليل كيفية تعامل الإعلام المحلي والدولي مع القضية الجنوبية، وانعكاسات ذلك على التصورات المجتمعية والقرارات السياسية.

كما تستعرض جهود القنوات الجنوبية المستقلة ووسائل التواصل الاجتماعي في كسر حاجز التعتيم الإعلامي، ونقل صوت الجنوبيين إلى العالم. وذلك في إطار فهم أوسع لديناميكيات الإعلام وتأثيره في القضايا ذات البعد الحقوقي والسياسي.

المقدمة

الإعلام يعد من أهم الوسائل التي تؤثر في حياة الشعوب والأمم، فهو ليس مجرد أداة لنقل الأخبار والمعلومات، بل أصبح له دور كبير في تشكيل الرأي العام وتحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي في عصرنا الحديث. وتطور الإعلام بشكل كبير، وأصبح يتخذ أشكالًا متعددة تتراوح بين الصحف والمجلات، والإذاعة، والتلفزيون، ووسائل الإعلام الرقمية والاجتماعية. وبفضل هذا التطور، أصبح الإعلام قادرًا على التأثير في وجهات نظر الناس، وعلى تفعيل قضايا سياسية واجتماعية كانت ربما غائبة عن الأذهان في السابق.

في اليمن، تمثل القضية الجنوبية واحدة من أبرز القضايا التي أثارها الإعلام بشكل متزايد في السنوات الأخيرة. هذه القضية ليست مجرد نزاع سياسي، بل هي قضية حقوقية واجتماعية تتعلق بمستقبل شعب الجنوب اليمني وتطلعاته. يعود تاريخ القضية الجنوبية إلى ما قبل الوحدة اليمنية في عام 1990.

القضية الجنوبية

القضية الجنوبية هي مصطلح يُستخدم للإشارة إلى المطالبات السياسية والاجتماعية التي تنادي بحقوق سكان جنوب اليمن. وتعود جذور هذه القضية إلى الأحداث التاريخية والتطورات السياسية التي شهدها اليمن منذ فترة طويلة. وتعد القضية الجنوبية واحدة من أبرز القضايا السياسية والاجتماعية في اليمن، وتُعبر عن ثاني قضية عربية في الوطن العربي بعد القضية الفلسطينية رغم الاختلاف بينهما.

نشأت هذه القضية نتيجة لعدة عوامل تاريخية واقتصادية وسياسية، وتطورت بعد عام 1990 وما تلاها من تطورات صراع وصعوبات بعد الوحدة. وقد شهدت هذه القضية تصعيدًا في السنوات الأخيرة، مما جعلها موضوعًا للحديث والنقاش على المستويين المحلي والدولي. تمتد القضية الجنوبية من الخمسينات والستينات من القرن الماضي.

دور الإعلام المحلي في إبراز القضية الجنوبية

يعتبر الإعلام المحلي، وخاصة في الجنوب، من الأدوات الفعالة التي ساهمت في إبراز القضية الجنوبية للعالم، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. رغم التحديات والقيود التي واجهها الإعلام الجنوبي، إلا أن دوره في تشكيل الرأي العام الجنوبي ودفع القضية إلى الأمام يبقى محوريًا.

فالإعلام المحلي في الجنوب، سواء كان التقليدي أو الرقمي، لعب دورًا كبيرًا في تسليط الضوء على مظالم الجنوبيين وفضح الانتهاكات التي تعرضوا لها بعد حرب 1994. الإعلام في الجنوب لم يكن مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل أصبح صوتًا للمطالبة بالحقوق وتعبيرًا عن المظالم.

في السنوات التي تلت حرب 1994، كانت وسائل الإعلام في الجنوب تعاني من قيود شديدة فرضتها الحكومة المركزية في صنعاء. فقد شهدت الصحافة الجنوبية حالة من التهميش، حيث تعرضت الصحف المحلية للإغلاق أو التدخل في تحرير المواد الصحفية. لكن رغم هذه القيود، نجح العديد من الصحفيين الجنوبيين في إبراز القضية الجنوبية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

قناة عدن لايف

أول قناة فضائية جنوبية ثورية تتبنى القضية الجنوبية، انطلقت في تاريخ 11 فبراير 2009م من العاصمة البريطانية لندن. جاء إنشاء القناة في ظروف عصيبة، حيث كان الجنوب يعيش تحت الاحتلال اليمني. وبمجهود ذاتي شخصي من قبل بعض الناشطين، انطلقت القناة حينها، واستطاعت أن تشكل نقطة وصل بين أبناء الجنوب في الداخل والخارج.

تعرضت قناة عدن لايف لمحاولات عدة لإيقافها عن البث بصورة نهائية من قبل نظام الاحتلال. وتعتبر قناة عدن لايف من القنوات المتميزة التي تحرص على نقل الأخبار والمستجدات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية لحظة بلحظة وبصورة مستمرة. وقد نالت إعجاب ملايين المتابعين.

رغم شح إمكاناتها المالية، إلا أنها بفضل تبرعات أبناء الجنوب تمكنت من إنشاء أول مكتب لها في بيرن بدولة سويسرا في يوليو 2011م.

قناة عدن المستقبلية

تعد قناة عدن المستقبلية واحدة من أهم القنوات الإعلامية التي تهتم بنقل وتغطية الأخبار المتعلقة بالجنوب. وتعتبر منابرها الصوتية والبصرية أداة مهمة في إبراز القضية الجنوبية على الساحة المحلية والإقليمية والدولية.

على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه الإعلام الجنوبي في ظل الظروف السياسية والأمنية المتقلبة في اليمن، إلا أن قناة عدن المستقبلية استطاعت أن تثبت وجودها كمصدر رئيسي للأخبار وتحليل الأحداث في الجنوب. ومنذ انطلاقتها الرسمية في 14 أكتوبر 2019، حققت القناة نجاحات ملموسة في مواكبة الأحداث والفعاليات الجنوبية، مما جعلها تحظى بثقة المشاهدين وتقدير القيادات الجنوبية.

تأسست قناة عدن المستقبلية كجزء من جهود متواصلة لخلق منصة إعلامية مستقلة تهتم بالقضايا التي تهم المواطن الجنوبي.

القضية الجنوبية في الإعلام الدولي وتشكيلها للرأي العام

تحظى القضية الجنوبية باهتمام متزايد في الإعلام العالمي، لكن هذا الاهتمام يظل مرتبطًا بتطورات الأوضاع السياسية والعسكرية في اليمن بشكل عام. وبينما تسلط وسائل الإعلام الدولية الضوء على التحركات السياسية والانقسامات داخل التحالف اليمني والتدخلات الإقليمية، فإن مستقبل القضية الجنوبية لا يزال غير متوازن على مستوى التغطية الإعلامية.

على مدى تطورها كقضية مستقلة أو بقائها ضمن إطار الصراع اليمني الأشمل، وهو ما سيحدد طبيعة الاهتمام الدولي والإعلامي بها في السنوات المقبلة. ويبقى مستقبل القضية الجنوبية غامضًا في أعين الإعلام العالمي.

بينما يظل البعض متفائلًا بشأن تحقيق الجنوبيين لاستقلالهم أو حكم ذاتي موسع، يرى البعض الآخر أن الانقسام قد يزيد من تعقيد الأزمة اليمنية ويسبب المزيد من التوترات في منطقة مضطربة أصلاً. ومع ذلك، يظل الإعلام الدولي يراقب عن كثب تطورات هذه القضية، مدركًا أن أي تسوية مستقبلية لا يمكن أن تكتمل بدون معالجة شاملة للحقوق والتطلعات الجنوبية.

تُعد القضية الجنوبية من الملفات السياسية التي تحظى باهتمام متفاوت في وسائل الإعلام الدولية. يتناول الإعلام العالمي هذه القضية من زوايا متعددة، تشمل الأوضاع السياسية، التطورات العسكرية، التحديات الإنسانية، والدور الإقليمي والدولي في تحديد مستقبل جنوب اليمن. ورغم أن التغطية الإعلامية لهذه القضية ليست دائمة أو متعمقة في جميع الأوقات.

كيف دعمت المنصات الاجتماعية القضية الجنوبية

في العصر الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياة الأفراد والمجتمعات. حيث تحولت من مجرد أدوات للتواصل الشخصي إلى منصات ذات تأثير واسع النطاق تشمل مختلف جوانب الحياة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية.

هذه المنصات، التي تشمل مواقع مثل فيسبوك، إكس (تويتر سابقًا)، إنستغرام، يوتيوب، تيك توك، سناب شات، وغيرها، أحدثت ثورة حقيقية في طريقة تبادل المعلومات والأخبار. بل وأصبحت وسيلة رئيسية في تشكيل الرأي العام والتأثير على القضايا المصيرية.

فمن خلال قدرتها الفريدة على نقل الأحداث في الزمن الحقيقي، تمكن وسائل التواصل الاجتماعي الأفراد من مشاركة وجهات نظرهم، وتسليط الضوء على القضايا التي تهمهم، وجذب اهتمام العالم نحوها. وبفضل الانتشار الواسع لهذه الوسائل، لم يعد الإعلام التقليدي هو المصدر الوحيد للمعلومات، بل أصبحت هذه المنصات أداة رئيسية يمكن لأي شخص استخدامها لنشر الأخبار، وعرض الحقائق، والتأثير في مجريات الأمور على الصعيدين المحلي والدولي.

باتت الأخبار تنتشر عبر تغريدة قصيرة على إكس (تويتر) أو مقطع فيديو على يوتيوب أسرع بكثير من أي تقرير صحفي تقليدي، مما جعل لهذه الوسائل دورًا محوريًا في إيصال القضايا العادلة إلى العالم، ومن بينها القضية الجنوبية.

وجدت القضية الجنوبية في هذه المنصات فضاءً مفتوحًا لتوضيح معاناة الجنوبيين، ونقل تطورات الأحداث، وكسب التأييد الإقليمي والدولي.

الخلاصة

لقد شكلت القضية الجنوبية في اليمن واحدةً من أبرز القضايا السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد منذ توحيد الشطرين عام 1990. وعلى مدار العقود الماضية، مرت هذه القضية بمراحل مختلفة من التصعيد والتهدئة، حيث لعبت العوامل السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية دورًا في تعقيد المشهد الجنوبي، مما جعلها محط اهتمام الفاعلين المحليين والدوليين.

مع تصاعد المطالب الجنوبية باستعادة الدولة، تزايدت الحاجة إلى توظيف وسائل الإعلام لتسليط الضوء على هذه القضية ونقلها إلى الرأي العام اليمني والدولي، ما جعل الإعلام عاملاً رئيسيًا في توجيه النقاشات السياسية والمجتمعية المرتبطة بها.

أدى الإعلام المحلي بمختلف أنواعه دورًا مهمًا في إبراز معاناة الجنوبيين ومطالبهم السياسية والحقوقية. فقد سعت الصحافة المحلية، القنوات التلفزيونية، والإذاعات إلى توثيق الانتهاكات التي تعرض لها الجنوبيون ونقل تطلعاتهم إلى الجمهور، رغم القيود التي فرضتها بعض الأنظمة الحاكمة على حرية التعبير. ومن خلال التحليلات والبرامج الحوارية والتغطيات الميدانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى