حضرموت في عتمة مفتعلة.. الحلف والسلطة شراكة في خنق الناس
الأحقاف نت | تقرير خاص
بينما تصل درجة الحرارة في مدينة المكلا إلى ما فوق الأربعين مئوية، يئن السكان في ظلمة موحشة، وسط تقنين قاسٍ للكهرباء لا يرقى حتى لأدنى مقومات الحياة… برنامج التشغيل لا يتجاوز ساعة مقابل خمس ساعات من الانقطاع، وأحيانًا أكثر، فيما لا تزال قواطر الديزل تمر كالمعتاد، بلا نقصان، تحت غطاء وتسهيلات من حلف مخيم الهضبة الذي بات اليوم شريكًا صامتًا – بل متواطئًا – في أزمة لا تطال سوى المواطن البسيط.
الكهرباء.. كابوس يومي وموت صامت
وفق تقارير ميدانية وشهادات محلية، تعاني أحياء المكلا من انقطاع تجاوز 18 ساعة يوميًا في بعض المناطق، مع تشغيل محدود لا يتجاوز 50 دقيقة متقطعة كل 5 إلى 6 ساعات، الانهيار لا يُفسّر بنقص الوقود، حيث تؤكد البيانات الرسمية لحلف الديزل (حلف مخيم الهضبة) مرور ما لا يقل عن 400 ألف لتر من الديزل يوميًا لمحطات ساحل ووادي حضرموت.
فأين يذهب هذا الوقود؟ ولماذا لا تنعكس هذه الأرقام على واقع الخدمة؟
أصابع الاتهام: الحلف يغسل يده والسلطة تبتلع الحقيقة
رغم البيانات اليومية من حلف الديزل التي تتحدث عن تسليم الوقود “بكميات كافية”، لا توجد آلية محاسبة أو شفافية تبين كيف يُستخدم هذا الديزل. السلطة المحلية والمؤسسة العامة للكهرباء، من جهتهم، أصدروا تصريحات باهتة تتحدث عن “خلل في التوربينات” و“نقص في الزيوت” و“أعطال مفاجئة” وكأن المواطن لا يملك ذاكرة.
أين الخطط؟ أين الصيانة؟ أين الأموال التي ضختها الحكومة سابقًا؟
لماذا لا يُسمح بلجنة رقابية محايدة تراقب ما يصل فعليًا للمحطات؟
وقود يباع في السوق والكهرباء للأقوى
الواقع المؤلم يشي بأن هناك سوقًا موازية للديزل في حضرموت، يُعاد بيعه بأسعار تجارية تصل إلى 1700 ريال للتر الواحد، بينما يُفترض أنه مخصص للمحطات بسعر مدعوم، التحقيقات الشعبية تتحدث عن تسرب أكثر من 35% من مخصصات المحطات للسوق السوداء عبر شبكات فساد مرتبطة بالسلطة ونافذين في الحلف ذاته.
الناس تموت بصمت والسلطة تتاجر بالمعاناة
في ظل هذه الكارثة، ارتفعت معدلات الإغماء وحالات ضربات الشمس، خاصة بين كبار السن والمرضى والأطفال. مستشفيات المكلا، وفق مصادر طبية، سجّلت خلال مايو الجاري ما يزيد عن 240 حالة إعياء حراري بسبب انقطاع الكهرباء عن أجهزة التكييف والمبردات، خاصة في أحياء مثل الديس، فوه، بويش، وحي العمال.
من يصطف مع المواطن؟
حتى الآن، لم يصدر أي بيان من الحلف يُطالب بإجراءات حقيقية لوقف هذا التلاعب ( لا طلب بتحقيق.. لا دعوة لتشكيل لجان شعبية.. لا مسيرة غضب.. وكأنهم راضون ضمنيًا عن هذا الانهيار). أما السلطة المحلية، فتمارس سياسة “إطفاء الحرائق بالتصريحات”، دون جرأة على مكاشفة الناس بالأسباب أو تقديم تبرير منطقي لهذا الانحدار المأساوي.
تواطؤ منظم ومعاناة متعمدة
ما تعيشه حضرموت اليوم ليس أزمة طارئة، بل جريمة ممنهجة تُرتكب على مراحل، بتنسيق بين سلطة عاجزة أو فاسدة، وحلف لم يعد يمثّل صوت الشعب، بل يتحول يومًا بعد يوم إلى أحد أدوات قمعه وصمته.
الناس لم تعد تطالب بالكهرباء فقط، بل تطالب بالحقيقة وبمن يقف معهم لا عليهم.