واشنطن تضرب مفاصل التمويل الحوثي: تصعيد أمريكي جديد لإعادة الاستقرار في اليمن

الأحقاف نت / تقرير خاص / 18 يناير 2025م

في خطوة تحمل دلالات سياسية وأمنية قوية، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن حزمة عقوبات جديدة تهدف إلى تجفيف منابع التمويل التي يعتمد عليها الحوثيون في اليمن. وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية أمريكية ودولية متصاعدة تهدف إلى الحد من الأنشطة العسكرية للجماعة التي باتت تمثل تهديدًا كبيرًا للأمن الإقليمي والدولي، وتعرقل مساعي تحقيق السلام في البلاد التي تعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

العقوبات الأمريكية الأخيرة شملت كيانات وأفرادًا متورطين في شبكات مالية تدير عمليات غير مشروعة لدعم الحوثيين. وبحسب البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخزانة، فإن هذه الكيانات تلعب دورًا محوريًا في تمويل العمليات العسكرية للحوثيين من خلال تهريب الأموال والسلع عبر الحدود، وهو ما يزيد من حدة الصراع ويطيل أمد المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني.

مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية أكد أن هذه الخطوة تهدف إلى إضعاف قدرة الحوثيين على تمويل حربهم، مشددًا على أن واشنطن ملتزمة باستخدام جميع الأدوات المتاحة للضغط عليهم. وأضاف أن الأموال التي يجمعها الحوثيون تُستخدم بشكل مباشر لشراء الأسلحة واستهداف المدنيين والبنية التحتية الحيوية داخل اليمن وخارجه.

الإجراءات الجديدة تأتي في وقت حساس يشهد تصعيدًا متزايدًا في هجمات الحوثيين، سواء داخل الأراضي اليمنية أو ضد دول الجوار. وقد اعتبر محللون أن استهداف البنية المالية للجماعة يمثل تصعيدًا غير مسبوق في الجهود الدولية لاحتواء الحوثيين، خاصة مع تصاعد المخاوف بشأن تأثير الجماعة على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، الذي يُعد ممرًا استراتيجيًا للتجارة العالمية.

رغم ذلك، تواجه هذه الخطوة تحديات كبيرة، خاصة في ظل اعتماد الحوثيين على شبكات تهريب معقدة ومتشعبة تمتد إلى عدة دول في المنطقة. ويقول خبراء إن قدرة الجماعة على التكيف مع العقوبات السابقة تُثير تساؤلات حول فعالية الإجراءات الجديدة ما لم تُعزز بجهود إقليمية ودولية منسقة.

قرار وزارة الخزانة الأمريكية لاقى دعمًا كبيرًا من دول المنطقة، خاصة تلك التي تأثرت بشكل مباشر بهجمات الحوثيين، مثل السعودية. كما أيدته جهات دولية ترى في تقليص الموارد المالية للجماعة وسيلة فعالة للحد من قدرتها على إشعال مزيد من الصراعات.

على الجانب الآخر، أبدت منظمات إنسانية مخاوفها من أن تؤثر العقوبات على الاقتصاد اليمني الهش بشكل غير مباشر، مما قد يزيد من معاناة المدنيين الذين يعتمد الملايين منهم على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة. وتقول هذه المنظمات إن أي جهود لتقييد تمويل الحوثيين يجب أن تُنفذ بحذر شديد لتجنب الإضرار بالشعب اليمني.

اليمن، الذي يعاني من حرب مدمرة منذ عام 2014، يواجه تحديات اقتصادية وإنسانية هائلة. ومع انهيار العملة المحلية، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، أصبحت البلاد ساحة لصراع إقليمي ودولي معقد. ويرى مراقبون أن الضغط المالي على الحوثيين يمكن أن يكون خطوة إيجابية، لكنه لن يكون كافيًا بمفرده لدفع الجماعة إلى وقف القتال.

بينما تواصل واشنطن مساعيها لتطبيق العقوبات بفعالية، وجهت رسالة واضحة إلى الحوثيين: “لا يمكنكم مواصلة استغلال الاقتصاد المحلي والمساعدات الإنسانية لخدمة أجنداتكم العسكرية”. ومع ذلك، يبقى التساؤل قائمًا حول مدى قدرة هذا النهج على تحقيق نتائج ملموسة في ظل غياب توافق سياسي شامل يضمن حلًا مستدامًا للأزمة.

تظل الأيام والأسابيع القادمة حاسمة لمعرفة مدى تأثير هذه العقوبات على الجماعة الحوثية، ومدى إمكانية أن تكون هذه الخطوة بداية لانفراجة سياسية تضع حدًا لمعاناة الملايين من اليمنيين الذين يرزحون تحت وطأة الصراع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى