كيف محيت الوحدة من ذاكرة الجنوبيين، مآسي صراعات لخصت حجم الأخطاء بحق الجنوب

الأحقاف نت / خاص / 23 مايو 2024م

الصراع بين الشمال والجنوب في اليمن على الوحدة كان حاسمًا في تاريخ البلاد، وله تأثيرات واسعة النطاق حتى اليوم .. بعد استقلال الجنوب العربي من بريطانيا في عام 1967، استمر الصراع بين القوى السياسية والقبلية في الشمال والجنوب.

في الثمانينيات، بدأت محادثات لوحدة اليمن بين الشمال والجنوب، وأدت هذه المحادثات إلى وحدة اليمن في عام 1990.

ومع ذلك، فشلت الوحدة في تحقيق التوافق السياسي والاقتصادي بين الشمال والجنوب لعدة أسباب نذكر أهمها:

1. استغلال الموارد الجنوبية: منذ وحدة اليمن في عام 1990، تعرضت الموارد الطبيعية في الجنوب للاستغلال بلا رقابة من قبل الحكومة المركزية في صنعاء وكان أبرزها الإستيلاء على حقول النفط في حضرموت و شبوة وتسخيرها لجني اموال هائلة تذهب لجيوب المتنفذين والشيوخ في الشمال، دون تعويض عادل للسكان الجنوبيين.

2. تهميش سياسي: شعر الجنوبيون بالتهميش السياسي والاقتصادي في الفترة بعد الوحدة، حيث لم يتم تمثيلهم بشكل عادل في المؤسسات الحكومية ولا في صنع القرار، وكان أبرز خلاف هو تهميش نائب الرئيس اليمني حينها علي سالم البيض وسحب صلاحياته بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الجنوبيين بالدولة

3. انتهاكات حقوق الإنسان: تم توثيق العديد من حالات انتهاكات حقوق الإنسان في الجنوب، بما في ذلك الإعتقال التعسفي والتعذيب والقمع السياسي.

4. تدهور البنية التحتية والخدمات الأساسية: لم يحظى الجنوب بالاهتمام الكافي من حيث تطوير البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والكهرباء والمياه.

هذه التراكامات والإختلافات بين قطبي الزعامة في الشمال والجنوب أدت إلى اندلاع حرب أهلية في عام 1994 بين القوات الموالية للحكومة المركزية في صنعاء والقوات الموالية للجنوب.

خلال هذه الحرب، حدثت معارك عنيفة وانتهت بفوز الشمال وإحتلاله على الجنوب.

ومنذ ذلك الحين، زادت التوترات بين الشمال والجنوب بسبب تهميش الجنوب وعدم تحقيق توزيع الثروات والفرص بشكل عادل.

وتواصل الجماعات والتيارات الجنوبية المطالبة بالاستقلال أو بتحسين أوضاعهم في إطار الوحدة اليمنية دون أي إستماع لتلك المطالب الحقوقية في بدايتها بل تم محاربة تلك الأصوات وتشكلت غرف عمليات لإغتيال الكوادر الجنوبية لقمع اي اصوات تطالب بالحرية والإستقلال.

في عام 2007 ظهر الحراك الجنوبي المطالب بفك الإرتباط مع الشمال وإسترجاع الحقوق وكانت بداية الثورة على الشمال المحتل وقد قامت القوات الشمالية المسيطرة على مناطق الجنوب بمحاربة هذا الحراك بقوة بأوامر من أعلى هرم من سلطة صنعاء وقامت بقتل الكثير خلال المظاهرات المطالبة بحق الجنوبيين في الحرية والاستقلال وسجن بعضهم، ولكن هذا لم يؤدي إلى نتيجة وأستمرت المظاهرات واتسعت في كافة المدن الجنوبية.

إضطرابات 2011

وشهد اليمن في عام 2011 “ثورة” ضد نظام صالح أدت في الأخير إلى تسليمه السلطة إلى هادي ولكن كانت عبارة عن تسليم شكلي لان المؤسسة العسكرية بالإضافة إلى بروز المليشيات الحوثية وتحالفوا معا ليسيطروا على صنعاء وتم تهريب هادي إلى عدن.

إجتياح الحوثيين عدن

هذه المأساة والكارثة الأخرى التي حلت على الجنوب بعد حرب 1994، ضاعت بصيص الأمل الباقي في قلوب بعض الجنوبيين وأيقنت أن الوحدة مع الشمال لن تجلب إلا الكوارث والمصائب على الجنوب والشمال على حد سواء.

عاصفة الحزم والقوات الجنوبية

بعد دخول الحوثيين إلى عدن ، أعلن التحالف العربي عن عاصفة الحزم في 2015 لمحاربة التمدد الصفوي التي تقوده ميليشيات الحوثي القادمة من الشمال، وتشكلت مقاومة جنوبية بأبسط ماتملك وتم طرد الحوثيين من عدن وتحريرها بعدما خلفت حولها الخراب والقتل والدمار، وهنا بدأت القوات الجنوبية بالتشكل من الأحزمة الأمنية والنخب تحت إدارة ودعم التحالف لتصبح قوة جنوبية لايستهان بها اليوم، وأصبح من يحمي الجنوب هم أبنائه.

المجلس الإنتقالي الجنوبي ممثل القضية الجنوبية

أصبح للقضية الجنوبية حاملا سياسيا وعسكريا وإقتصاديا يجوب عواصم الدول ويشرح أحقية الجنوبيين بإستعادة دولتهم وفك الإرتباط بها حتى لا تكون المنطقة في صراعات لامتناهية بين الشمال والجنوب الذي يكتوي بنيرانها شعوب الشطرين، فليس بالإمكان الإبقاء على تلك الصراعات بين شعبين مختلفين إيدولوجيا وعقائديا وسياسيا بالإضافة إلى عوامل أخرى، أتى الدخول للشرعية والمشاركة فيها لوضع رجل الجنوب في المشاركة السياسية للحل الشامل باليمن والذي تكون القضية الجنوبية محوره.

الإحتفال بـ22 مايو

لم يعد أحدا يحتفل بذاك اليوم في الجنوب إلا قلة ذو توجهات اخوانية في غرف مغلقة بعيدا عن أنظار الشعب الذي أمتحت هذه الذكرى من ذاكرته وأصبحت في عالم النسيان لم حملته من مآسي وصراعات يعاني منها إلى يومنا هذا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى