النائب البحسني يقود تعزيز العلاقات الدولية لدعم استقرار اليمن ونموه الاقتصادي من خلال التعاون مع المملكة المتحدة والصين

الأحقاف نت / وحدة التحليل السياسي – مركز الأحقاف للدراسات الاستراتيجية والإعلام / 1 مايو 2025م

تمر اليمن بفترة من أكبر الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية في تاريخها الحديث. منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2015، والبلاد تواجه تحديات هائلة، من بينها تدمير البنية التحتية، انهيار الاقتصاد الوطني، وزيادة حجم المعاناة الإنسانية. هذه الأزمة أدت إلى تصدع في جميع القطاعات الحيوية مثل الصحة، التعليم، والطاقة، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر بشكل غير مسبوق. نتيجة لهذه الظروف، بات من الضروري البحث عن حلول استراتيجية تساهم في استعادة استقرار اليمن وتحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل.

أحد الحلول المأمولة لتجاوز هذه الأزمة هو تعزيز العلاقات الدولية مع دول كبرى مثل المملكة المتحدة والصين، حيث يمكن لتعاون اليمن مع هاتين الدولتين أن يعزز من استقرار البلاد على الصعيدين السياسي والاقتصادي. المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تمتلك تاريخًا طويلًا في تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي لليمن، بالإضافة إلى مساعداتها الإنسانية. من ناحية أخرى، تعتبر الصين شريكًا استراتيجيًا على الصعيدين الاقتصادي والتنموي، حيث تقدم استثمارات ضخمة في البنية التحتية والطاقة. إذا تم استثمار هذه الشراكات بشكل فعال، يمكن أن تسهم في خلق بيئة مستقرة تساعد في انتشال اليمن من أزمته.

تهدف هذه الورقة إلى توسيع وتحليل فرص التعاون بين اليمن وكل من المملكة المتحدة والصين، وتقديم استراتيجيات موسعة للاستفادة من هذا التعاون في مختلف المجالات، مع التركيز على قطاعات الطاقة المتجددة، الزراعة، وقطاع التجارة. كما سنتناول التحديات التي يواجهها اليمن في سياق هذه العلاقات وكيفية التغلب عليها من خلال السياسات العامة المدروسة.

1. سياق التعاون بين اليمن والمملكة المتحدة:

1.1. العلاقات السياسية بين اليمن والمملكة المتحدة:

منذ بداية النزاع في اليمن في 2015، كانت المملكة المتحدة أحد الداعمين الرئيسيين للشرعية اليمنية. المملكة قدّمت دعمًا سياسيًا مستمرًا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا من خلال الضغط الدبلوماسي في الأمم المتحدة، ومشاركتها في التحالف العسكري الذي يهدف إلى إعادة استقرار البلاد. خلال الأعوام الماضية، كانت المملكة المتحدة حريصة على تقديم الدعم في مجالات السلام والأمن، حيث لعبت دورًا محوريًا في محادثات السلام التي جرت في جنيف والكويت.

المملكة المتحدة تدعم أيضًا العملية السياسية من خلال الضغط على الأطراف المتصارعة للعودة إلى طاولة المفاوضات. هذا الدعم السياسي من المملكة له أهمية خاصة لأنه يتزامن مع جهود مستمرة لتوفير بيئة مؤاتية لإعادة بناء اليمن سياسيًا. بالإضافة إلى ذلك، كانت المملكة المتحدة دائمًا من المدافعين عن حقوق الإنسان في اليمن، حيث حاولت التأثير على المجتمع الدولي لتوفير حماية للمدنيين وضمان حقوق الإنسان في المناطق المتأثرة بالنزاع.

1.2. الدعم البريطاني في مجال المساعدات الإنسانية:

إلى جانب الدعم السياسي، تشكل المساعدات الإنسانية البريطانية جزءًا أساسيًا من الدعم المقدم لليمن. المملكة المتحدة كانت من أكبر المساهمين في تقديم المساعدات الإنسانية في اليمن، حيث قدمت أكثر من 400 مليون جنيه إسترليني في عام 2020 لدعم الغذاء والمياه والرعاية الصحية.

إن هذه المساعدات أسهمت بشكل مباشر في إنقاذ العديد من الأرواح في المناطق التي تعاني من الصراع. المساعدات البريطانية تتضمن أيضًا مساعدات في شكل مشاريع لإعادة بناء البنية التحتية، مثل المستشفيات والمدارس التي دُمرت بسبب النزاع. كما دعمت المملكة المملكة قطاع التعليم لتأهيل الأجيال القادمة وضمان أن لا تظل اليمن غارقة في حلقة الفقر والجهل.

2. التعاون التجاري والاقتصادي مع الصين:

2.1. العلاقات الاقتصادية بين اليمن والصين:

تعتبر الصين واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، ويمثل التعاون معها فرصة استراتيجية لليمن في ظل الأوضاع الراهنة. الصين تمتلك قدرات استثمارية ضخمة في مشاريع البنية التحتية، وهو ما يمكن أن يساعد اليمن في إعادة بناء اقتصاده المتضرر. بدأت الصين بالفعل بتنفيذ مشاريع حيوية في اليمن تشمل الموانئ، الطرق، والمطارات، ما يعزز قدرة اليمن على التصدير إلى أسواق جديدة.

بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الصين خبرات كبيرة في مجالات الطاقة المتجددة، وهي تساهم في تمويل وتكنولوجيا مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في اليمن. اليمن الذي يعاني من نقص في الطاقة يمكنه تحقيق اكتفاء ذاتي من الطاقة إذا ما تم استثمار هذه الفرص بشكل جيد.

2.2. إعفاء الصادرات اليمنية من الرسوم الجمركية:

أعلنت الصين عن إعفاء الصادرات اليمنية من الرسوم الجمركية، وهو ما يمثل فرصة كبيرة لليمن لتعزيز صادراته إلى أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم. هذا الإعفاء سيسهم في جعل المنتجات اليمنية، مثل الأسماك والمنتجات الزراعية، أكثر قدرة على المنافسة في السوق الصينية.

يعتبر هذا القرار خطوة استراتيجية لدعم الاقتصاد اليمني في وقت يعاني فيه من تدهور في الإيرادات الوطنية بسبب الحرب. هذا التعاون التجاري يوفر فرصة لزيادة صادرات اليمن بشكل كبير، وبالتالي يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي.

3. استراتيجيات تنموية لتعظيم الاستفادة من التعاون مع المملكة المتحدة والصين:

3.1. تعزيز التعاون في قطاع الطاقة المتجددة:

تتمتع الصين بخبرة كبيرة في مشاريع الطاقة المتجددة، ويمكن لليمن الاستفادة من هذه الخبرات لتحسين البنية التحتية للطاقة في البلاد. على الرغم من التحديات التي يواجهها اليمن في هذا القطاع، فإن التعاون مع الصين في مجالات الطاقة الشمسية والرياح يوفر فرصة ذهبية للحد من الاعتماد على الوقود التقليدي.

إقامة مشاريع للطاقة المتجددة ستسهم في توفير طاقة نظيفة، ما يساعد على الحد من التأثيرات البيئية السلبية. هذه المشاريع ستكون أيضًا بمثابة حافز اقتصادي من خلال توفير فرص عمل جديدة وتعزيز قدرة اليمن على تصدير الطاقة إلى دول الجوار.

3.2. دعم قطاع الزراعة والتكنولوجيا الحديثة:

يمكن لليمن أن يستفيد من التعاون مع الصين في قطاع الزراعة، حيث تعتبر الصين رائدة في استخدام تقنيات الزراعة المستدامة والتقنيات الحديثة مثل أنظمة الري الذكية. من خلال هذه الشراكة، يمكن لليمن أن يعزز الإنتاجية الزراعية ويسهم في تحقيق الأمن الغذائي.

الصين يمكنها أن تقدم تكنولوجيا متقدمة لتحسين نوعية المحاصيل وزيادة الإنتاجية، مما سيسهم في تقليل الاعتماد على الواردات الغذائية ويعزز من القدرة التصديرية لليمن.

3.3. تحسين العلاقات التجارية وتعزيز الاستثمارات الأجنبية:

من الضروري أن يعمل اليمن على تحسين بيئة الأعمال المحلية وتعزيز التشريعات الاقتصادية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. من خلال تحسين المناخ الاستثماري، سيكون اليمن قادرًا على جذب استثمارات من المملكة المتحدة والصين في قطاعات مثل الصناعة، الزراعة، والطاقة المتجددة.

إن استثمار هذه الفرص سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد اليمني، بما في ذلك خلق المزيد من فرص العمل وزيادة القدرة الإنتاجية للقطاعات المختلفة.

إن تعزيز العلاقات الثنائية بين اليمن وكل من المملكة المتحدة والصين يمثل خطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي في اليمن. من خلال التعاون في مجالات الأمن، الطاقة، والزراعة، يمكن لليمن أن يعزز من استقراره ويحقق تطورًا اقتصاديًا مستدامًا.

يتطلب الأمر من الحكومة اليمنية بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد مع هاتين الدولتين، مع تطوير بيئة الأعمال وتحفيز الاستثمارات الأجنبية. إن تنفيذ هذه السياسات بشكل دقيق ومدروس سيساعد في نقل اليمن إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى