الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت قراءة تحليلية لمركز الأحقاف للدراسات الأستراتيجية والإعلام في الموقف الرسمي والشعبي

الأحقاف نت / تحليل موقف / 1 مايو 2025م

تمهيدي

يُعد تحرير ساحل حضرموت من قبضة التنظيمات الإرهابية حدثًا محوريًا يُعاد استحضاره سنويًا، باعتباره لحظة فاصلة في تاريخ المحافظة والوطن عامة. ففي الرابع والعشرين من أبريل 2016م، تمكنت قوات النخبة الحضرمية بقيادة اللواء الركن فرج سالمين البحسني، وبدعم مباشر من قوات التحالف العربي، من تحرير مدينة المكلا ومناطق ساحل حضرموت من تنظيم القاعدة، بعد سيطرة دامت أكثر من عام، شهدت خلالها المحافظة حالة من الانفلات والبطش.

وقد مثل هذا الحدث نقطة تحول بارزة أعادت تشكيل الخارطة الأمنية والسياسية في حضرموت، بل وأعادت رسم ملامح الأمل لدى السكان المحليين الذين عانوا خلال فترة سيطرة التنظيم من ممارسات قمعية واضطهادية عطلت مظاهر الحياة المدنية وأغرقتها في حالة من الخوف والركود. لقد شكل هذا الحدث نقطة تحول فاصلة في مسار المحافظة، حيث أعاد لحضرموت الأمن والسيادة التي فقدتها خلال فترة الاحتلال الإرهابي، وأدى إلى عودة الحياة المدنية والاستقرار النسبي.

ولقد كانت عملية تحرير المكلا وساحل حضرموت في 24 أبريل من العام 2016 منطلقًا لمكافحة آفات دخيلة على مجتمعنا المدني الساعي إلى الاستقرار. وتعد هذه الذكرى، التي تُحتفل بها سنويًا، رمزًا لإرادة أبناء حضرموت في استعادة هويتهم وحقهم في إدارة شؤونهم بعيدًا عن التدخلات الخارجية. وقد كان هذا التحرير ثمرة للتعاون بين قوات النخبة الحضرمية والتحالف العربي.

مواقف وردود الأفعال في الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت

مع حلول الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت، برزت جملة من المواقف الرسمية والشعبية التي عكست مدى أهمية هذا الحدث في الوعي الحضرمي، وأظهرت في الوقت ذاته تباين الرؤى حيال مستقبله السياسي والأمني. إذ مثلت الذكرى مناسبة لاستحضار منجزات التحرير والتأكيد على المكاسب الأمنية المحققة، كما كشفت أيضًا عن تزايد المطالب الشعبية بتحقيق طموحات أوسع في محافظة حضرموت.

وتتعدد ردود الأفعال بين مواقف رسمية احتفائية وتعبيرات شعبية مشبعة بالعزة ممزوجة بالفخر، ومواقف تركز أساسًا على جوانب الأمن والاستقرار.

الحكومة اليمنية

عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء الركن فرج البحسني

في كلمة مؤثرة ومهمة، وجه اللواء الركن فرج سالمين البحسني، عضو مجلس القيادة الرئاسي، التحية لأرواح الشهداء الذين روت دماؤهم تراب حضرموت في سبيل الخلاص من الإرهاب، مؤكدًا أن ذلك النصر لم يكن وليد صدفة، بل نتاج صمود رجال أوفياء حملوا على عاتقهم أمانة الدفاع عن الأرض والهوية، ولّبوا نداء حضرموت في أحلك اللحظات.

وأضاف اللواء البحسني أن معركة 24 أبريل لم تكن نهاية لمواجهة الإرهاب، بل كانت بداية لمسيرة نضال مستمرة، أسست لمرحلة جديدة من البناء والعمل المؤسسي، بقيادة واعية وجيش قوي ومؤسسة أمنية صلبة أصبحت اليوم درع حضرموت الحصين.

السلطة المحلية بحضرموت

في كلمته لأبناء حضرموت في الداخل والخارج بهذه المناسبة الغالية، أكد محافظ حضرموت رئيس اللجنة الأمنية بالمحافظة الأستاذ مبخوت مبارك بن ماضي أن معركة التحرير كانت ملحمة وطنية شارك فيها أبناء المحافظة جنبًا إلى جنب مع الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث امتزجت دماء الشهداء من الجانبين لتحرير الأرض وترسيخ سيادة الدولة.

وزير الدفاع

في الذكرى التاسعة لتحرير مدينة المكلا وساحل حضرموت من قبضة تنظيم القاعدة الإرهابي، أكد الفريق الركن محسن الداعري، وزير الدفاع، أن هذه المناسبة تمثل محطة فارقة في تاريخ اليمن الحديث، حيث تجسدت فيها معاني الإرادة والشجاعة والبسالة التي تكللت بالقضاء على الشرذمة الإرهابية وملاحقة فلولها، وإعادة الحياة والأمن والسلام إلى مدينة المكلا، عروس البحر العربي.

وأشار الوزير الداعري إلى أن ملحمة التحرير لم تكن لتتحقق لولا استشعار المسؤولية، وإعداد وتدريب أبطال النخبة الحضرمية وصقل مهاراتهم منذ انطلاق معركة التحرير وساعة الصفر، التي تكللت بالانتصار الكبير بدعم وإسناد وإشراف مباشر من قوات تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ما تجلى في تلك المعركة التي هزمت عناصر الظلام والإرهاب وطردتهم شر طردة. وأن معركة تحرير مدينة المكلا في 24 أبريل 2016 ستظل علامة مشرفة وناصعة في الانتصار على جحافل الإرهاب.

المنطقة العسكرية الثانية

شهدت قيادة المنطقة العسكرية الثانية احتفالًا مهيبًا في ميدان هندسة الأبطال وصقل المهارات القتالية، بمناسبة الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت. وألقى اللواء الركن طالب سعيد بارجاش، قائد المنطقة العسكرية الثانية، كلمة نقل فيها تحيات رئيس اللجنة الأمنية بمحافظة حضرموت مبخوت مبارك بن ماضي، مستعرضًا تفاصيل عملية التحرير التي تمت بدعم من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومشيدًا بالإرادة الصلبة والمعنويات العالية التي تحلى بها الضباط والجنود، إضافة إلى عنصر السرية الذي كان له دور بارز في نجاح العملية.

وتخلل الاحتفال افتتاح عدد من المشاريع، أبرزها “معهد الشهيد صالح أبوبكر بن حسينون لتأهيل القادة”، وتدشين أولى دوراته التدريبية لرفع كفاءة القادة العسكريين. كما تم افتتاح “معمل النخبة للبلك والداموك” الذي يهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال البناء والتشييد بالمنطقة. واختتم اللواء بارجاش زيارته بافتتاح أقسام جديدة في مستشفى الرابع والعشرين من أبريل.

المجلس الانتقالي الجنوبي

تفاعلت هيئة الرئاسة مع الاحتفال بذكرى تحرير ساحل حضرموت بدعوتها أبناء المحافظة كافة إلى المشاركة الواسعة والفاعلة في هذه المناسبة الوطنية العظيمة، وذلك تأكيدًا على الاعتزاز بالدور البطولي الذي قامت به قوات النخبة الحضرمية، واستحضارًا للتضحيات الجسيمة التي قُدمت من أجل دحر الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار، وتجديدًا للدعم الشعبي لمكتسبات حضرموت، ورفضًا لأي محاولات تستهدف قوات النخبة أو تحاول النيل من منجزاتها.

وجددت هيئة الرئاسة على أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو أول من تبنى مطالب أبناء حضرموت في جميع وثائقه وأدبياته، وكذلك الوثائق المجمع عليها في إطار الحوار الوطني الجنوبي، وعلى رأسها إعلان عدن التاريخي، والميثاق الوطني الجنوبي، ورؤية المجلس للدولة الجنوبية الفيدرالية القادمة، التي تمنح جميع المحافظات حقها في إدارة نفسها بنفسها، والاستفادة من خيراتها وثرواتها في مختلف القطاعات والمجالات.

ودعت بدورها الهيئة التنفيذية بمحافظة حضرموت كافة المواطنين في عموم مناطق حضرموت إلى المشاركة الواسعة في المليونية الجماهيرية التي ستقام في مدينة المكلا بتاريخ 24 أبريل، دعما لقوات النخبة الحضرمية وتأكيدًا على الموقف الشعبي الراسخ في مساندة هذه القوات الوطنية. وأشار رئيس الهيئة إلى أهمية هذه الفعالية في إيصال رسالة للمجتمع الإقليمي والدولي، مفادها أن أبناء حضرموت يقفون صفًا واحدًا خلف نخبتهم الحضرمية، ويرفضون أي محاولات للمساس بها أو استهدافها.

القوات المسلحة الجنوبية

أكد المتحدث الرسمي للقوات المسلحة والأمن الجنوبي، المقدم محمد النقيب، أن الذكرى التاسعة لتحرير مدن ومناطق ساحل حضرموت من سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي، تمثل مناسبة وطنية خالدة تجسد معاني الفخر والاعتزاز بأبطال النخبة الحضرمية، الذين صنعوا ذلك النصر الأغر في عملية نوعية واستراتيجية حاسمة، ستظل محطة في تاريخ حضرموت والجنوب.

الشارع الحضرمي

عبّر الشارع الحضرمي الجنوبي في الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت عن مزيج من الفخر بالإنجاز الأمني الكبير، والمطالبة بترجمة هذا النصر إلى مكاسب سياسية وإدارية حقيقية. كثير من أبناء حضرموت عبّروا عن فخرهم الكبير بتحرير أرضهم من قبضة الإرهاب في 2016، معتبرين أن هذا الإنجاز أثبت قدرة أبناء حضرموت على حماية أمنهم. ووصفوا عملية التحرير بأنها نقطة تحول ومفخرة حضرمية وجنوبية.

ولم يكتفِ الشارع الحضرمي بالاحتفال، بل استغل المناسبة ليجدد المطالب بالتمكين السياسي لحضرموت وأهلها. برزت دعوات واضحة تؤكد تمكين قوات النخبة الحضرمية بشكل كامل في حضرموت، وخاصة وادي حضرموت الذي تحتله قوات شمالية.

احتفالات الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت

عرض عسكري لقوات المنطقة العسكرية الثانية

شهدت مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، صباح يوم 24 من أبريل، انطلاق العرض العسكري الرسمي لقوات النخبة الحضرمية، وذلك ضمن فعاليات إحياء الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت من قبضة التنظيمات الإرهابية.

حضر الفعالية عدد من القيادات العسكرية والأمنية والسياسية، إلى جانب حشد كبير من أبناء المحافظة الذين توافدوا لمشاهدة هذا الاستعراض العسكري الفريد. وقد عبّر الحضور عن فخرهم بما وصلت إليه القوات الحضرمية من مستوى متقدم، معربين عن ثقتهم الكاملة في قدرتها على مواصلة حماية حضرموت وصون مكتسباتها.

وأقيم العرض بحضور رسمي وشعبي واسع، يتقدمه اللواء أحمد سعيد بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى جانب عدد من القيادات السياسية والعسكرية الجنوبية، في مشهد يعكس حجم الدعم الشعبي والرسمي للقوات الحضرمية ودورها المحوري في تعزيز الأمن والاستقرار في المحافظة.

مليونية حضرموت أولًا

شهدت حضرموت فعاليات مليونية باسم “حضرموت أولًا”، التي تأتي بالتزامن مع الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت في 24 أبريل، من تنظيم القاعدة، والتي دعا إليها المجلس الانتقالي في حضرموت. حضر الفعالية حضور حاشد وغير مسبوق من مختلف مديريات المحافظة، وبمشاركة عدد من القيادات السياسية والعسكرية.

وتأتي هذه المليونية للتعبير عن الإرادة الجمعية لأبناء حضرموت، ودعمًا لاستقرار المحافظة، وقوات النخبة الحضرمية، وتعكس التزام المواطنين بقضاياهم السياسية والاجتماعية، وتسجيل حدثًا تاريخيًا يرّسخ قيم الانتماء لحضرموت والجنوب.

وشهدت الفعالية مشاركة بارزة لقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، وعلى رأسهم نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، ورئيس الجمعية الوطنية الأستاذ علي الكثيري.

وتوافد أبناء حضرموت من مختلف المديريات منذ الصباح للمشاركة في المليونية إلى ساحة الحرية في المكلا، التي احتضنت واحدة من أضخم الفعاليات الجماهيرية في تاريخ محافظة حضرموت تحت شعار “حضرموت أولًا”، في حراك شعبي عارم يُنتظر أن يبعث برسائل حاسمة ومباشرة من أبناء حضرموت إلى الداخل والخارج، مفادها التمسك الكامل بالهوية الوطنية الجنوبية، ورفض مشاريع التفتيت والإرهاب.

استعراض بحري

نظمت القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت استعراضًا بحريًا بمدينة المكلا، بمشاركة قوارب مزيّنة بأعلام دولة الجنوب، ويرافقها عدد من زوارق خفر السواحل، في إطار احتفالات محافظة حضرموت بالذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت من التنظيمات الإرهابية في 24 أبريل 2016. وانطلق العرض البحري من ميناء المكلا القديم، مرورًا بخور المكلا.

دلالات ذكرى 24 أبريل في حضرموت

تشكل هذه الذكرى، في أذهان الكثيرين، نقطة بداية لتحولات استراتيجية في المشهد الحضرمي، من خلال تدعيم المؤسسات الأمنية، وإطلاق مشاريع الحكم المحلي، وتنامي الوعي السياسي الجمعي بأهمية القرار الحضرمي المستقل.

ومن هنا، تصبح دراسة دلالات ورمزية هذه الذكرى ضرورة لفهم التحولات الجارية في حضرموت، ومحاولة استشراف مستقبل هذه المنطقة الحيوية في إطار التغيرات المتسارعة التي يشهدها اليمن والمنطقة ككل.

فإن ذكرى 24 أبريل باتت تُحمل معاني متجددة لدى الحضارم، ليس فقط باعتبارها تحريرًا من تنظيم إرهابي، بل كإعلان غير مباشر عن طموحات متراكمة نحو إدارة منضبطة وحكم رشيد، يعبّر عن الخصوصية الحضرمية التاريخية والثقافية.

سنلقي الضوء على أهم دلالات هذه الذكرى، ورمزيتها العميقة عند الحضارم، وتحولها إلى رمز للنصر والإرادة. فالذكرى لتحرير ساحل حضرموت من التنظيمات الإرهابية في 24 أبريل 2016، في حدث وطني يحمل دلالات سياسية وأمنية عميقة، يعكس تمسك أبناء حضرموت ومكونات الجنوب بالمنجزات الأمنية المحققة.

مثلت عملية تحرير المكلا لحظة فارقة في محاربة الإرهاب في اليمن، حيث قضت القوات الحضرمية على أكبر معاقل القاعدة في جنوب الجزيرة العربية، مما أعاد حضرموت إلى الخريطة كمنطقة آمنة نسبيًا.

أحد أبرز الإنجازات التي تحققت في حضرموت بعد حرب 2016 هو إنشاء وتأسيس قوات النخبة الحضرمية، والتي نجحت في مكافحة وهزيمة التنظيمات الإرهابية وتحقيق الأمن والاستقرار في ساحل حضرموت.

رمزية اللواء الركن فرج البحسني

إن الحديث عن ذكرى الرابع والعشرين من أبريل في حضرموت لا يمكن أن ينفصل عن شخصية القائد الاستثنائي الذي جسد بإرادته وصلابته وجدارته العسكرية ملامح تلك المرحلة التاريخية، وهو اللواء الركن فرج سالمين البحسني، القائد العسكري والسياسي الذي ارتبط اسمه ارتباطًا وثيقًا بعملية التحرير الكبرى، وأصبح رمزًا وطنيًا يحظى بمكانة خاصة في الوجدان الحضرمي.

فقد قاد البحسني، بحنكة واقتدار، قوات النخبة الحضرمية في واحدة من أنجح العمليات العسكرية ضد الإرهاب في تاريخ اليمن الحديث، مثبتًا أن القيادات الوطنية الصادقة قادرة، حتى في أحلك الظروف، على تحقيق المعجزات حين تستند إلى دعم شعبي واسع ورؤية استراتيجية واضحة.

إن دلالات ذكرى 24 أبريل تتجاوز النصر العسكري، لتعبر عن ولادة مفهوم الإرادة الحضرمية الحرة التي اختُبرت لأول مرة بشكل عملي من خلال قدرة الحضارم، بقيادة اللواء الركن فرج البحسني، على إدارة معركتهم الأمنية والسياسية.

الاستنتاج

يمثل يوم 24 أبريل 2016 لحظة محورية في تاريخ حضرموت والجنوب عموماً، حين تمكنت قوات النخبة الحضرمية – بدعم من التحالف العربي – من تحرير مدينة المكلا وساحل حضرموت من سيطرة تنظيم القاعدة. كان التحرير نقطة انطلاق نحو إعادة بناء منظومة الأمن والاستقرار، وإحياء مؤسسات الدولة المحلية، وكسر حالة الفراغ السياسي والأمني التي فرضتها التنظيمات الإرهابية.

الموقف من الذكرى

أشادت الحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي ووزارة الدفاع بالتحرير كإنجاز وطني بارز، وأكدت على مواصلة البناء المؤسسي والعسكري. من أبرز التصريحات الرسمية ما شدد على أهمية استمرار الجهود الأمنية، وتثبيت الاستقرار، والعمل على مشاريع تنموية تخدم تطلعات السكان المحليين. الإعلان عن إنشاء مستشفى عسكري ومعهد لتأهيل القادة العسكريين في المكلا جاء كتأكيد على ترجمة النصر العسكري إلى منجزات مؤسسية.

عبّر الشارع الحضرمي عن فخره بالإنجاز الأمني، لكنه ربطه بمطالب واضحة، أبرزها تمكين حضرموت سياسيًا وإداريًا بعيداً عن الوصاية الخارجية، واستكمال بسط السيطرة الأمنية على وادي حضرموت، وطرد القوات الشمالية المتمركزة هناك. كما عبّر عن تثبيت الهوية الجنوبية لحضرموت ضمن مشروع الدولة الجنوبية الفيدرالية. وكانت المليونية الجماهيرية في المكلا تعبيراً قوياً عن هذه المطالب وعن وحدة الصف الحضرمي خلف قوات النخبة.

أكد التحرير على تعزيز الاعتزاز بالهوية الحضرمية، وأعاد إلى المجتمع الحضرمي ثقته بذاته وإمكانيته على إدارة شؤونه بعيداً عن الهيمنة المركزية. كما ارتبط النصر العسكري بتجديد الطموحات نحو بناء نظام سياسي عادل ومستقل يعبر عن إرادة أبناء حضرموت. كذلك أعاد التحرير إحياء التراث الثقافي والاجتماعي المحلي، بعد أن تعرض لمحاولات طمس وتشويه خلال سيطرة التنظيمات الإرهابية.

دلالات الذكرى

باتت ذكرى 24 أبريل تعبر عن ولادة مشروع حضرمي سياسي مستقل، قائم على مفهوم الحكم المحلي وحماية المنجزات الأمنية والسياسية. كما تعتبر الذكرى منصة لتجديد العهد بمواصلة النضال حتى استكمال السيادة على كامل تراب حضرموت، وتأمين مشاركة عادلة في تقرير مصير الجنوب.

رسخت الذكرى قناعة واسعة بأن وحدة الإرادة الشعبية قادرة على حماية المكتسبات ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية. كما أبرزت الدور القيادي للواء فرج سالمين البحسني، الذي أصبح – بفضل قيادته الناجحة للعملية العسكرية، وحنكته، وصلابته، والانضباط القيادي – رمزاً وطنياً حضرمياً.

أبعاد التحولات الاستراتيجية في حضرموت

أسست تجربة التحرير لتحولات جذرية في فهم أبناء حضرموت لدورهم السياسي والأمني، وتوسيع المشاركة الشعبية في صياغة مستقبل منطقتهم. كشفت الذكرى عن ارتفاع مستوى الوعي الجماعي بضرورة الانفكاك عن المركزية السياسية التي تسببت في إغراق اليمن في الفوضى.

أصبحت حضرموت اليوم نموذجاً للاستقرار النسبي مقارنة ببقية المحافظات اليمنية التي لا تزال ترزح تحت الصراعات. تشكل الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت مناسبة لإعادة قراءة التحولات العميقة التي شهدتها المحافظة على الصعيدين السياسي والاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى