حضرموت على حافة التحول: ثلاث لقاءات مع السفارة الأمريكية تُنذر بتغيير استراتيجي!

الأحقاف نت / وحدة التحليل السياسي – مركز الأحقاف للدراسات الاستراتيجية والإعلام / 28 أبريل 2025م
شهدت محافظة حضرموت في أقل من أسبوعين ثلاث لقاءات بين المسؤولين في السفارة الأمريكية ومحافظ حضرموت، وهي سلسلة من اللقاءات التي أضافت بُعدًا دبلوماسيًا جديدًا إلى الأوضاع المحلية في المحافظة. هذه اللقاءات التي تزامنت مع تصاعد التوترات الأمنية والسياسية في المنطقة، أثارت العديد من التساؤلات حول الأهداف التي تقف وراء التحركات الدبلوماسية الأمريكية ومدى تأثيرها على مستقبل حضرموت.
ضغوط محلية واستجابة إقليمية ودولية: في خضم التوترات المحلية، تعرضت السلطة المحلية في حضرموت لانتقادات متزايدة، لاسيما بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، الذي تحدث عن وجود جماعات متعاونة مع الحوثيين في حضرموت. هذه التصريحات زادت من الضغط على السلطة المحلية في المحافظة، التي كانت قد بدأت تعاني من صعوبة في السيطرة على الوضع الأمني بشكل فعال. في هذا السياق، لجأ محافظ حضرموت إلى الزبيدي للحصول على الدعم، مما يعكس الوضع المعقد الذي تواجهه السلطات المحلية في مواجهة التحديات الأمنية والسياسية.
من جهة أخرى، وفي خطوة سعودية تسعى إلى تحقيق توازن داخلي في حضرموت، تم استدعاء الشيخ عمرو بن حبريش، أحد الشخصيات البارزة في المنطقة. هذا التحرك من السعودية يأتي في إطار محاولة لتأمين الاستقرار الداخلي في حضرموت ولمنع أي تصعيد إضافي قد يهدد أمن المنطقة ككل.
التدخل الأمريكي: تغير الخطاب السياسي وتوسع المصالح: في الوقت الذي تتزايد فيه التدخلات الإقليمية في الشأن الداخلي لحضرموت، يأتي التحول الأكثر وضوحًا بعد اللقاءات التي جرت بين مسؤولي السفارة الأمريكية ومحافظ حضرموت. تلك اللقاءات أسفرت عن تغير في الخطاب السياسي للمحافظ، حيث أصبح التركيز على قضايا مكافحة الإرهاب وحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وهي قضايا تهم الولايات المتحدة بشكل مباشر. يشير هذا التغيير إلى دخول الولايات المتحدة في حيز التدخل الفعّال في القضايا الأمنية، بما في ذلك مكافحة الجماعات المتشددة التي قد تهدد استقرار المنطقة.
إن الاهتمام الأمريكي المتزايد بحضرموت ليس فقط بسبب التحديات الأمنية التي تواجهها المحافظة، ولكن أيضًا بسبب موقعها الاستراتيجي في البحر الأحمر الذي يعد أحد أهم الممرات البحرية في العالم. وبالتالي، يمكن فهم هذا التدخل الأمريكي كجزء من استراتيجية أوسع تسعى لحماية المصالح الأمنية والاقتصادية في المنطقة، وتحديدًا في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
حضرموت: مركز التنافس الإقليمي والدولي: إن موقع حضرموت الجغرافي المتميز بين البحر الأحمر وخليج عدن يجعلها نقطة محورية في الأمن الإقليمي والدولي. لقد تحولت المحافظة إلى مركز تنافس بين القوى الإقليمية والدولية، التي تتسابق لضمان حضورها في هذه المنطقة الاستراتيجية. في ظل تصاعد التهديدات الأمنية من قبل الجماعات المتشددة، تتزايد الحاجة إلى تدخلات دولية تهدف إلى تعزيز الاستقرار ومنع التهديدات المحتملة. ومع ذلك، يبقى لأبناء حضرموت دور محوري في تحديد المسار السياسي والأمني للمحافظة، وهو ما يجعل التوازن بين التدخلات الخارجية والإرادة المحلية أمرًا بالغ الأهمية.
الرهانات على المستقبل: يبدو أن حضرموت تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم، حيث تتداخل فيها العديد من العوامل المحلية والدولية التي قد تؤثر بشكل كبير على مستقبلها. من جهة، تواصل القوى الإقليمية والدولية تركيز اهتمامها على ضمان استقرار المحافظة وحمايتها من التهديدات الأمنية المتزايدة. ومن جهة أخرى، يظل لأبناء حضرموت القول الفصل في تقرير مصيرهم، حيث يسعون جاهدين للحفاظ على هويتهم السياسية والاجتماعية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وبينما تسعى السعودية والولايات المتحدة إلى تعزيز استقرار حضرموت بما يتناسب مع مصالحها الأمنية والاقتصادية، يبقى الدور المحلي لأبناء حضرموت هو الأهم في ضمان استقرار المحافظة. فالمحافظة لا يمكن أن تُدار بشكل مستدام إلا إذا كانت إدارة شؤونها في يد أهلها، الذين يمتلكون الخبرة العميقة في التعامل مع خصوصياتها.
سيناريوهات المستقبل: في ضوء هذه التحولات، يبقى مستقبل حضرموت مرهونًا بقدرة السلطة المحلية على توحيد الصف الداخلي، واستعادة السيطرة على الأوضاع الأمنية. كما أن الانخراط الدولي في قضايا مثل مكافحة الإرهاب وحماية المصالح البحرية قد يسهم في تعزيز الاستقرار، ولكن شريطة أن يتماشى ذلك مع الطموحات المحلية. التحدي الأكبر لحضرموت في المرحلة القادمة سيكون في تحقيق توازن بين الاستفادة من الدعم الدولي والحفاظ على استقلالية القرار السياسي والأمني المحلي.