الزُبيدي يدعو إلى استراتيجية حاسمة لدحر الحوثيين مستغلًا تراجع إيران الإقليمي

الأحقاف نت / دافوس – تقرير خاص / 27 يناير 2025م

في مقابلة أجرتها صحيفة “الجارديان” البريطانية على هامش مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي، كشف عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، عن استراتيجية شاملة لمواجهة مليشيا الحوثي في ظل التغيرات الإقليمية التي أثرت على دعم إيران لحلفائها. الزُبيدي أوضح أن الفرصة الحالية قد تكون الأنسب لدحر الحوثيين، خصوصًا في ظل تراجع النفوذ الإيراني في مناطق مثل لبنان وسوريا وغزة، وهو ما ترك إيران معتمدة بشكل شبه كامل على الحوثيين كآخر وكلائها في المنطقة.

وصف الزُبيدي هذا الظرف بأنه “لحظة تاريخية” تتطلب استغلال التراجع الإيراني في توجيه ضربات استراتيجية للحوثيين، مؤكدًا أن الجهود العسكرية يجب أن تكون متعددة الجوانب ومبنية على تنسيق عالي المستوى بين القوى المحلية والدولية. وأشار إلى أن القوات المحلية قادرة على تحقيق نجاحات ميدانية إذا ما تم دعمها بغطاء جوي غربي فعال ومنسق. في هذا السياق، دعا الإدارة الأمريكية الجديدة إلى إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، معتبرًا أن مثل هذا الإجراء لن يضعف الحوثيين سياسيًا فقط، بل سيحد أيضًا من قدرتهم على جمع الموارد والدعم الخارجي.

وأضاف الزُبيدي أن إيران لن تتراجع بسهولة عن دعمها للحوثيين، بل على العكس، قد تعمل على تعزيز هذا الدعم باعتبارهم الركيزة الأخيرة لنفوذها الإقليمي. وصرح قائلًا: “إيران لن تتخلى عن الحوثيين، بل ستضاعف دعمها لهم لأنهم يشكلون آخر مكونات شبكتها في المنطقة. لذا، علينا أن نعمل على تكثيف الجهود للضغط عليهم بشكل أكبر، مستغلين هذا التراجع الإيراني”.

كما أبدى الزُبيدي استعداد الحكومة الجنوبية للتعاون مع القوى الغربية من خلال تقديم المشورة الاستخباراتية اللازمة لدعم أي عمليات عسكرية تستهدف مواقع الحوثيين. وأشار إلى أن الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لم تكن فعالة بالشكل المطلوب، حيث وصفها بأنها غير منسقة وتفتقر إلى الشمولية اللازمة لإحداث تأثير حقيقي على الأرض. وأكد أن التنسيق يجب أن يتضمن عمليات عسكرية برية تقودها القوات المحلية، مع توفير الدعم الجوي اللازم لتحقيق أهداف استراتيجية.

الزُبيدي شدد على أن القضاء على الحوثيين لا يمكن أن يتم بمجرد استهداف القيادات أو تنفيذ ضربات محدودة، مشيرًا إلى أن البنية الاجتماعية والداعمة للحوثيين تختلف تمامًا عن تلك التي يمتلكها حلفاء إيران الآخرون مثل حزب الله في لبنان أو حماس في غزة. وأوضح أن التعامل مع الحوثيين يتطلب استراتيجية شاملة تستهدف تفكيك قاعدتهم الاجتماعية والسياسية في اليمن.

من جانب آخر، أشار الزُبيدي إلى أن الجنوب كان دائمًا في طليعة الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب الحوثي، مؤكدًا أن السياسات السابقة التي اعتمدت على التراخي أو الحلول المؤقتة قد ساهمت في إطالة أمد الحرب. وأوضح أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتبنى نهجًا حازمًا يركز على اتخاذ خطوات جادة ومباشرة للقضاء على الإرهاب الحوثي، بما يضمن حماية المصالح الجنوبية واليمنية بشكل عام.

وأكد الزُبيدي أن استمرار مليشيا الحوثي في السيطرة على أجزاء واسعة من اليمن يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي، حيث أن بقاءهم يفتح المجال أمام تصاعد الفوضى واستمرار المعاناة الإنسانية. وأشار إلى أن الحوثيين يعتمدون على إثارة الأزمات الاقتصادية والمعيشية لفرض هيمنتهم على المناطق التي يسيطرون عليها، مما يجعل دحرهم ضرورة لتحقيق الاستقرار وإعادة بناء الدولة اليمنية.

كما دعا الزُبيدي المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل أسرع لدعم اليمنيين في معركتهم ضد الحوثيين، مشددًا على أن الوقت الحالي يمثل فرصة لا يجب تفويتها. وأكد أن الجهود الدولية يجب أن ترتكز على التنسيق مع القوات المحلية التي تمتلك الخبرة والمعرفة الميدانية اللازمة لمواجهة الحوثيين بشكل فعال.

رؤية الزُبيدي تمثل خارطة طريق للتعامل مع التهديد الحوثي، حيث تستند إلى العمل الحاسم والمنسق على المستويات العسكرية والسياسية والاجتماعية. كما أنها تضع الجنوب في مقدمة القوى اليمنية الساعية لإعادة صياغة مسار الحرب بما يحقق الاستقرار والتنمية. وأشار إلى أن الجنوب يتحمل مسؤولية كبيرة في قيادة هذا الجهد، حيث يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي لتقديم نموذج في التعامل مع الأزمات من خلال الحسم والتخطيط المدروس.

تؤكد مقاربة الزُبيدي أن النجاح في دحر الحوثيين يتطلب التخلي عن أساليب الماضي التي اعتمدت على الحلول الجزئية أو المؤقتة. بدلاً من ذلك، يجب أن تكون الاستراتيجية شاملة ومبنية على التنسيق الكامل بين القوى المحلية والإقليمية والدولية. الزُبيدي دعا إلى جعل التنسيق بين الضربات الجوية والعمليات البرية قاعدة أساسية في أي خطة عسكرية مستقبلية، مشددًا على أن النجاح يتطلب قيادة قوية وحاسمة.

في الوقت نفسه، حذر الزُبيدي من التأثير السلبي للتراخي أو التأخر في التعامل مع التهديد الحوثي، مشيرًا إلى أن أي تأخير سيمنح الحوثيين فرصة لإعادة تنظيم صفوفهم وتعزيز تحالفاتهم الإقليمية. واعتبر أن المرحلة الحالية تتطلب أقصى درجات الحزم لضمان إنهاء التهديد الحوثي بشكل جذري، مما سيمهد الطريق لبناء يمن جديد ومستقر.

ختامًا، تعكس تصريحات الزُبيدي حرصًا على إعادة تعريف مسار الحرب اليمنية من خلال مقاربة أكثر شمولية واستراتيجية. إذا تم تبني هذه الرؤية بشكل جاد من قبل الأطراف المحلية والدولية، فقد تشهد اليمن مرحلة جديدة من العمل المنسق الذي يهدف إلى القضاء على الإرهاب الحوثي وتحقيق الاستقرار الذي طال انتظاره. رؤيته ليست مجرد دعوة للحسم العسكري، بل هي خطة شاملة تستهدف بناء أسس جديدة لدولة مستقرة وقادرة على استعادة دورها في المنطقة.











مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى