تدخلات إقليمية ومحلية تزيد الوضع تأزماً: رشاد العليمي يعرقل تطبيع الأوضاع في حضرموت وعدن
الأحقاف نت / خاص / 17 يناير 2025م
أفاد مصدر مطّلع أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، لم يُحرز تقدمًا ملموسًا في تنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس بشأن تطبيع الأوضاع في محافظة حضرموت، ما أدى إلى استمرار حالة الجمود السياسي وتصاعد الأزمات، أبرزها أزمة الكهرباء في عدن.
وكان المجلس قد أقر في اجتماع عقده في الرياض بتاريخ 7 يناير الجاري خطة شاملة لتطبيع الأوضاع في حضرموت. تضمنت الخطة استجابة للمطالب المشروعة لسكان المحافظة، من بينها استخدام عائدات النفط لإنشاء مشاريع حيوية كالمحطات الكهربائية والمستشفيات، واستيعاب أبناء المحافظة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، وإدارة الموارد المحلية لتحقيق التنمية.
ورغم هذا، أكد المصدر أن القرارات لم تجد طريقها للتنفيذ بسبب غياب آلية واضحة من قبل العليمي، ما أثار شكوكاً بشأن جدية المجلس في معالجة الأزمة. واعتبر المصدر أن هذا التأخير يعكس محاولة للإبقاء على حالة التوتر في حضرموت، ويهدد بإفشال الجهود المبذولة لتحسين الأوضاع هناك.
من جانبه، أشار أحد وجهاء القبائل إلى أن حلف قبائل حضرموت منح المجلس الرئاسي مهلة أسبوعين فقط للسماح بعبور النفط الخام إلى عدن كخطوة حسن نية، محذراً من عواقب عدم تنفيذ القرارات خلال هذه الفترة.
وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد الأزمات في عدن وحضرموت، وسط اتهامات للعليمي بتعمد تأخير الخطوات التنفيذية لإبقاء الوضع على ما هو عليه، مما يهدد بعودة التوترات وتصعيد الأوضاع في المحافظة.
مصادر مطلعة تشير إلى أن التأخير في تنفيذ القرارات الخاصة بتطبيع الأوضاع في حضرموت وعدن قد يكون مرتبطاً بمناورات سياسية تعكس الانقسامات داخل مجلس القيادة الرئاسي. المجلس، الذي يضم أطرافاً يمنية شمالية وأخرى جنوبية ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، يواجه تحديات تهدد بزيادة التوترات في حضرموت واستمرار الأزمات في عدن.
وأكدت مصادر يمنية في الرياض أن مجلس القيادة الرئاسي المؤقت، الذي تم تشكيله برعاية سعودية، يواجه خطر التفكك نتيجة إصرار رئيسه رشاد العليمي على اتخاذ قرارات سياسية أحادية، بما يخالف وثيقة تشكيل المجلس.
وشهد الاجتماع الأخير للمجلس خلافات حادة غير مسبوقة،و البحسني أعرب عن رفضه لرفض العليمي تشكيل لجان عمل لتنفيذ القرارات المتعلقة بمطالب حلف قبائل حضرموت، والتي تشمل إنشاء محطتي كهرباء للوادي والساحل وتطبيق حلول لتحسين الأوضاع في المحافظة.
وجاء الخلاف مع البحسني بعد تجاوب الحلف مع طلبات الدولة بالسماح بمرور شحنات النفط الخام لتشغيل محطة الرئيس في عدن، لكن دون تنفيذ أي من الوعود المتعلقة بالمطالب المحلية.
وبحسب المصادر، رد العليمي على خلافه مع البحسني عبر الإيعاز لوسائل الإعلام الرسمية بتسليط الضوء على ما وصفه بجهود السلطة المحلية في حضرموت، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لخلط الأوراق وإثارة الانقسامات داخل المحافظة. وشملت تلك التحركات تجاهل مطالب الحلف بإقالة المحافظ مبخوت بن ماضي وتصوير مبادرات الحلف وكأنها إنجازات للسلطة المحلية.
وأكدت المصادر أن العليمي لا يزال يماطل في تنفيذ المطالب المعلنة، ما يزيد من حدة التوترات بين مختلف الأطراف في حضرموت. وتحدثت تقارير عن محاولات لتوجيه قوات النخبة الحضرمية نحو مواجهة رجال القبائل، بهدف خلق صراع داخلي يبعد الأنظار عن مطالب الأهالي المتعلقة بحقوقهم الاقتصادية والتنموية.
في المقابل، يواصل اللواء البحسني، بدعم من اللواء عيدروس الزبيدي واللواء عبدالرحمن المحرمي، الضغط لتحديد جدول زمني واضح لتنفيذ مطالب حضرموت. وأكد الثلاثة على رفض أي محاولات لتجاهل هذه المطالب، محذرين من أن استمرار التوترات قد يؤدي إلى تصعيد جديد في المحافظة.
الخلافات مع البحسني يعكس عمق الانقسامات داخل مجلس القيادة الرئاسي، ويثير تساؤلات حول قدرة المجلس على التعامل مع التحديات المتصاعدة في حضرموت وعدن. وتؤكد مصادر سياسية أن الأزمة بدأت عندما منحت السعودية العليمي دوراً واسعاً في حضرموت بالتزامن مع دعمها لتشكيل مجلس حضرموت الوطني، الذي وصفه البعض بأنه واجهة لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
تحركات رشاد العليمي في حضرموت أثارت استياء المجلس الانتقالي الجنوبي، خصوصًا بعد تصريحاته بمنح حضرموت حق الحكم الإداري الذاتي، والتي اتضح لاحقًا أنها تُستخدم كجزء من استراتيجية الصراع مع المجلس الانتقالي.
في يونيو 2023، نظمت الرياض زيارة للعليمي إلى مدينة المكلا، ولكنها تمت دون مشاركة اللواء فرج البحسني، عضو مجلس القيادة الرئاسي وممثل حضرموت، ما أثار تساؤلات حول أسباب استبعاده من هذه الزيارة.
وفق مصادر سياسية، تعمل السعودية على تعزيز صلاحيات العليمي بشكل فردي بعيدًا عن التوافق المطلوب مع بقية أعضاء المجلس، في مخالفة واضحة لوثيقة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي التي تشدد على اتخاذ القرارات بالتوافق. كما منحته الضوء الأخضر لتأسيس قوات “درع الوطن” بتمويل سعودي ودون إشعار الأعضاء الآخرين، ما أثار استغرابًا واسعًا.
الهدف من هذه القوات، كما يرى مراقبون، هو تعزيز النفوذ السعودي في المناطق الجنوبية، بما في ذلك حضرموت، ضمن خطة استراتيجية لضمان السيطرة على المناطق المحررة. في الوقت ذاته، تشهد حضرموت صراعًا داخليًا بين القوى السياسية والقبلية حول إدارتها؛ حيث يدعو المجلس الانتقالي إلى إدماج حضرموت ضمن الجنوب التاريخي، بينما تسعى أطراف أخرى إلى فصلها عن الجنوب وتحقيق أهداف سياسية عبر استغلال المطالب الشعبية.
هذه التوترات تُضعف الاستقرار في حضرموت وتعرقل الجهود الرامية لتحسين الخدمات والبنية التحتية. كما أن استمرار هذه الصراعات يهيئ بيئة لعودة الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة، التي تستغل الفوضى لتحقيق مكاسبها.
لمواجهة هذه التحديات، هناك حاجة إلى حوار وطني شامل يركز على تلبية تطلعات أبناء حضرموت بعيدًا عن التدخلات الخارجية. يجب على الدول الإقليمية، بما فيها السعودية، التركيز على دعم التنمية بدلاً من التدخل المباشر في شؤون المحافظة.
كما يُوصى بمنح اللواء فرج البحسني صلاحيات أوسع لتمثيل حضرموت داخل مجلس القيادة الرئاسي، بما يضمن إدارة المحافظة بشكل مستقل يخدم مصالح سكانها. وينبغي على رشاد العليمي حصر مهامه في معالجة القضايا التي تخص المحافظات الشمالية والصراع هناك، مع الامتناع عن التدخل في شؤون الجنوب، لتجنب تعميق الخلافات مع المجلس الانتقالي الجنوبي.
إنشاء هيئة محلية مستقلة لإدارة شؤون حضرموت بقيادة شخصيات ذات خبرة يمثل خطوة ضرورية، على أن تركز هذه الهيئة على تحسين الخدمات، تعزيز التنمية، وضمان استفادة سكان المحافظة من مواردها الطبيعية.
وأخيرًا، هناك حاجة لتشكيل لجنة مستقلة لمراقبة أي تدخلات خارجية أو قرارات تؤثر على استقرار حضرموت، مع ضمان الشفافية في جميع الاتفاقيات والقرارات المتعلقة بالموارد والصلاحيات. هذه الخطوات تهدف إلى تحقيق الاستقرار والتنمية في حضرموت بعيدًا عن الصراعات السياسية والإقليمية.