دراسة تحليلية لمركز الأحقاف للدراسات الاستراتيجية والإعلام .. توافق المصالح بين جماعة الاخوان المسلمين والحوثي خلال فترة الحرب
الأحقاف نت / خاص / 30 ديسمبر 2024م
المقدمة
تعد الجماعات الإسلامية جزءًا أساسيًا من المشهد السياسي والاجتماع في العديد من دول العالم، وخاصة في البلدان العربية والإسلامية. هذه الجماعات، التي تمثل تيارات فكرية ودينية متنوعة، تتفاوت في رؤاها وأيديولوجياتها، لكنها تتشارك في تأثيرها الكبير على السياسة والمجتمع في بلدانها.
في العقود الأخيرة، تزايدت أهمية هذه الجماعات بشكل ملحوظ، خاصة في ظل التحولات السياسية والأحداث التاريخية التي شهدتها المنطقة، مثل الثورات العربية، الحروب الأهلية، والصراعات الإقليمية.
تنقسم الجماعات الإسلامية إلى فئات عدة، أبرزها جماعات إسلامية تقليدية، مثل الإخوان المسلمين، والجماعات الجهادية التي تتبنى الفكر التكفيري، مثل تنظيم القاعدة وداعش.
إلى جانب هذه، توجد جماعات إسلامية مسلحة تسعى لتحقيق أهداف سياسية باستخدام القوة العسكرية، مثل جماعة الحوثيين في اليمن.
وتختلف هذه الجماعات في أساليبها وأهدافها، ولكنها تشترك في محاولة التأثير على الحياة السياسية والاجتماعية في دولها، وفي بعض الحالات، تسعى إلى تغيير النظام السياسي أو فرض رؤيتها الخاصة للشريعة الإسلامية.
خلفية تاريخية للجماعات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين والحوثي في اليمن
ظهور جماعة الإخوان والجماعة الحوثية في اليمن
تتعدد الاتجاهات الإسلامية داخل المشهد السياسي العربي برؤى ومذاهب فكرية مختلفة، وتنقسم إلى اتجاهين سُني وشيعي، ولا تخل الحركات السُنية ممن يتبنى في بعض مكوناته السياسية خطا شيعيا كما أن هناك في الاتجاه الشيعي من يتبنى بعض الخطوط الفقهية السُنية في أدبيات والحركات الإسلامية أو الجماعات الإسلامية هي حركات ظهرت بعد انهيار الخلافة الإسلامية (خاصةً بعد سقوط الدولة العثمانية) استنادًا إلى مرجعية إسلامية وتطرح غالبًا برامج سياسية تقوم على العودة لتطبيق الشريعة الإسلامية كأساس لعودة الأمة للنشاط الحضاري أو تطرح عودة الخلافة الإسلامية لإعادة توحيد الأمة الإسلامية.
جماعة الإخوان المسلمين
هي حركة إسلامية سياسية تصف نفسها بأنها “إصلاحية شاملة بدأت حركة الإخوان المسلمين في مصر كحركة شبابية أسسها حسن البنا وبناءها الفكري سنة 1928.
وتحققت كتنظيم عملي سنة 1944 ثم تمددت الحركة ليصير لها فروع في البلدان العربية مثل سوريا وفلسطين والأردن والسودان والجزائر واليمن.
جماعة الإخوان المسلمين في اليمن
ظهرت جماعة الإخوان المسلمين لأول مرة في اليمن في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، عندما قاد عبد المجيد الزنداني، مؤسس فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، والمصنف كإرهابي من قبل الوليات المتحدة الامريكية، ومعه مجموعة من رجال الدين لإنشاء نظام تعليم ديني أصولي في شمال اليمن.
جماعة الحوثي
حركة شيعية متمردة بمحافظة صعدة في شمال اليمن، تنسب إلى بدر الدين الحوثي وتعرف بالحوثيين أو جماعة الحوثي أو حركة أنصار الله أو الشباب المؤمن.
ظهور الحركة فعليا خلال العام 2004 إثر اندلاع أولى مواجهاتها مع النظام السابق فإن بعض المصادر تعيد جذورها في الواقع إلى ثمانينيات القرن الماضي ففي العام 1986 أنشئ “اتحاد الشباب” لتدريس شباب الطائفة الزيدية على يد صلاح أحمد فليتة, وكان من مدرسيه مجد الدين المؤيدي وبدر الدين الحوثي.
المشاركة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين والحوثي في اليمن
جماعه الاخوان في اليمن
قام الإخوان في اليمن بدعم من إخوان مصر في ثورة 1948، التي أدت إلى إطاحة الإمام يحيى ومبايعة عبدالله بن الوزير خلفا له إلا أن الانقلاب لم يدم طويلا بسبب رفض القبائل للإخوان لينتهي وجود الإخوان في المملكة المتوكلية وحتى عام 1962 تشكلت نواة أخرى للإخوان عبر تجمع من الطلبة اليمنيين، الذين درسوا في الأزهر في مصر وتأثروا بفكر الإخوان.
جماعة الحوثي
في غضون العقدين المنصرمين، تحوّل الحوثيون من كونهم مجرد حركة دينيّة محلية في محافظة صعدة الشمالية في اليمن ليصبحوا سلطة الأمر الواقع التي تُسيطر على العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات الشمالية.
صحيح أن هناك عوامل عدة ساعدتهم على الظفر بمثل هذه القوة، بما في ذلك انهيار مؤسسات الدولة والفرص التي أفرزتها التنافسات المحلية والإقليمية، إلا أن السبب الرئيس يعود في المقام الأول إلى قدرة الحوثيين على استخدام مجموعة من الهويات الدينية والسياسية والاجتماعية، ما ساعدهم على تجنيد المقاتلين، وبناء التحالفات المختلفة على الأطر الديني وهذه طريقة برغماتية؛ حيث كان الحوثيون يتبنون، وفق الظروف، هويات معينّة ويفضّلونها على غيرها.
ثوره الربيع العربي وبروز الجماعات الإسلامية
الربيع العربي مصطلح أطلق على الثورات الشعبية التي اندلعت في عدد من الدول العربية للإطاحة بحكامها تحت شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”، والمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية.
اختلفت تجربة جماعة الإخوان وتحالفاتها مع الأحزاب السياسية باليمن سواء الحزب الحاكم المتمثل في حزب المؤتمر والذي تحالفوا معه أكثر من مرة أو تحالف مع الأحزاب الأكثر عداءً لهم وهي الأحزاب اليسارية والاشتراكية، تاريخيا مثل الصراع السمة الغالبة على التيارات السياسية في اليمن، خاصة قبل الوحدة اليمنية وإبان حرب 1994 التي قاتل فيها الإسلاميون ضد الاشتراكي.
الإطاحة بالنظام السابق
قديماً وبعد صعود نظام علي عبدالله صالح للرئاسة في اليمن، تحالفت الإخوان معه لمواجهة على حسب قولهم المد الماركسي والتصدي للأيديولوجية الماركسية، وفيما كان صالح مشغول بتثبيت حكمه وترتيب البيت اليمني الشمالي فبغ الداخلي، حقق الإخوان توسعا كبير في مناطق عموم الجمهورية العربية اليمنية من خلال نشر المعاهد العلمية التي تزايد عدد المنتسبين إلى صفوفها، وترافق مع انتشارها توسع في عدد مدارس تحفيظ القرآن الكريم، وإنشاء معاهد خاصة بالفتيات وعندما قامت الوحدة اليمنية عام 1990 أعلن الإخوان عن تشكيل حزب سياسي باسم التجمع اليمني للإصلاح، وفقاً لقانون الأحزاب.
التحالفات العسكرية المتغيرة للجماعات الإسلامية
ما يميز الصراع في اليمن هو عدم الثبات في التحالفات العسكرية بين هذه الأطراف، على الرغم من العداء المستمر بين الحزب الإصلاح وجماعة الحوثي، إلا أن المصالح المتغيرة، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي، قد تخلق أوقاتًا من التقاطع المؤقت بينهما ضد أطراف مشتركة، مثل التحالف العربي أو القوات الجنوبية والقوات المحلية الأخرى.
هذه التحولات تزداد تعقيدًا مع استمرار التدخلات الإقليمية والدولية، حيث هذا التحالفات أدوارًا مؤثرة في تشكيل هذه التحالفات.
استغلال القضية الفلسطينية
أن الحرب في غزة كانت مجرد نقطة جديد بين حزب الإصلاح والحوثيين لتقارب وتجديد الشراكة وكان جلياً بعد مجاهرة أصوات بارزة في الحزب بالتأييد لعمليات الجماعة حيث أن حزب الإصلاح يعيش حالة قطيعة غير معلنة مع جميع مكونات السياسية ابتداء بأحزاب المؤتمر والاشتراكي والناصري، ومرورًا بالسلفيين، وبالمجلس الانتقالي الجنوبي، وكل طرف يشعر بالريبة تجاه هذا المكون ومع أن حزب الإصلاح لم يصدر حتى اللحظة بيانا رسميا حول هجمات الحوثيين الا انها تحاول استغلال كافة أبواقها الإعلامية.
العوامل المؤثرة في توافق المصالح بين الحوثيين والإخوان
اليوم لم يعد جائزاً الحديث عن بلد يقف على حافة هاوية سحيقة، لأنه واقعياً تجاوز مرحلة الخشية من السقوط فيها، وتشظى على كل المستويات، وأضحى صراع اليمنيين الحالي هو كبح جماح سرعة الانزلاق صار مكرراً القول إن الأوضاع البائسة التي بلغتها الأحوال في اليمن اليوم هي نتيجة طبيعية لما حدث بعد 2011 حين عجزت قياده الاخوان في الحكم بعدها على حماية هياكل مؤسسات دولة وكان مخططهم يستهدف اخذ مكان الرئيس اليمني وقتذاك انتهى بهم الامر ان اصبحوا أداة لدى الحوثيين الذين هم بدورهم أداة ايرانيّة واستغل الحوثيون هذا كي يثبتوا الى ايّ حد باتوا يمسكون بمناطق واسعة في شمال اليمن بالرغم من وجود اختلافات كبيرة في الأيديولوجيا بين الطرفين.
المصالح السياسية الداخلية
التنافس على النفوذ والسيطرة في المناطق المختلفة من اليمن يمكن أن يؤدي إلى توافقات أو صراعات بين الحوثيين والإخوان عندما يتعلق الأمر بالسيطرة على الأراضي أو الموارد، قد يكون هناك نوع من التعاون أو حتى تحالفات مؤقتة في مناطق معينة، حيث يسعى كل طرف لتحقيق أهدافه السياسية.
في بعض الأحيان، قد ينسق الحوثيون والإخوان في الشؤون المحلية أو من أجل المصالح الاجتماعية والاقتصادية في بعض المناطق التي تشهد قتالًا مستمرًا.
التعاون الإعلامي بين الطرفين
التوافق الإعلامي بين جماعة الإصلاح ذاع الإخوان المسلمين في اليمني وميليشيات الحوثي في اليمن هو موضوع معقد يشمل تفاعلات متغيرة بين الأطراف المختلفة في النزاع اليمني في العادة، يمكن أن يظهر التباين الكبير بين موقف الطرفين نظرًا لاختلاف توجهاتهما السياسية والدينية، ولكن هناك بعض الفترات أو الأحداث التي قد تشهد نوعًا من التوافق أو التعاون الإعلامي بينهما، سواء بشكل علني أو ضمني انتقل تخادم جماعة الإخوان المسلمين المتمثلة بحزب الإصلاح مع ميليشيات الحوثي الإرهابية والتعاون فيما بينهم إلى خارج الحدود اليمنية.
الخلاصة
العلاقة الخفية بين قيادة التنظيم العالمي للإخوان وولاية الفقيه في إيران لا تسمح لأي فرع من فروع الإخوان في العالم بالتصادم مع الأذرع الإيرانية الخارجية، وأمامنا العراق ولبنان وغيرهما أمثلة على ذلك؛ لذلك في المعارك الأخيرة في اليمن امتنع حزب الإصلاح عن المشاركة، ضد الانقلابين فمع بزوغ الربيع العربي في القرن الحادي والعشرين نجد الإصلاح استغلوا موقعهم ضمن المعارضة، حتى بدأت رياح الربيع العربي تعصف باليمن، فانتظر الإخوان حتى يروا لمن تكون الغلبة في الشارع لصالح أو للشعب، وحين أدركوا أن الثورة قوية وأنها قد تطيح بصالح، ركبوا الموجة وادعوا أنهم من فجروا الثورة.
ومع انقلاب الحوثيين مع حليفهم علي عبدالله صالح على الشرعية في اليمن عام 2014، كانت المواقع العسكرية التي يسيطر عليها قياديون من الإخوان تسقط بيد الانقلابين دون قتال وخاصة تلك المواقع في محافظة عمران شمالي البلاد، بل تشن حزب الإصلاح الإخوان في اليمن وجماعة الحوثي، تخادمهم علناً وتآمرهم ضد الجنوب، عبر خطوة خطيرة تستهدف دعم وافشال تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي لاستعادة الدولة الجنوب وافشال عمليات التحالف العربي ان قيادات حزب الإصلاح اعتبروا الحرب بالنسبة لهم فرصة للتكسب والغنى وفرصة لترتيب الأوضاع، ما يعني عمليا، الإصلاح لم يحارب الحوثيين بجدية على الإطلاق، كان كل حربه إما موجهة ضد الجنوبيين، وإما عبارة عن إثبات حضور وابتزاز للتحالف.